مع طول أمد الحرب في السودان تضاعفت معاناة الأطفال الذين دفعوا الثمن الأكبر للصراع المستعر، حيث تعرضوا لأحداث تنوعت ما بين القتل والعنف الجنسي والاختطاف، وكذلك الحرمان من التعليم وفقدان الأهل نتيجة الموت أو الاصابات والإخفاء القسري.
وأسهمت الأوضاع الكارثية في مناطق شرق ولاية الجزيرة في تزايد معدلات الانتهاكات المروعة، مما أجبر الآلاف على النزوح نحو المدن الآمنة، ونتيجة لذلك فقدت الأسر عشرات الأطفال في طريق الهرب من مناطق النزاع، وفقد يافعون كثر الاتصال بعائلاتهم، وهناك آخرون لم يعرف مصيرهم حتى الآن.
مآسي وفواجع
وتعج مواقع التواصل الاجتماعي بعدد من الإعلانات والنداءات التي تحمل صور هؤلاء الأطفال المفقودين مرفقة بأرقام هواتف عائلاتهم في ظل توقف عمل الشرطة منذ تفجر القتال، مما عقد عملية البحث عبر الجهات الرسمية.
وأدت موجة العنف في ولاية الجزيرة السودانية إلى نزوح عشرات الآلاف.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن أكثر من (47) ألف شخص نزحوا إلى ولايتَي كسلا والقضارف.
في السياق، يقول الأمين الطاهر، أحد الموجودين في مدينة حلفا، لـ (مشاوير) إن “أحداث شرق الجزيرة أجبرت أسرته على النزوح بعد تزايد الانتهاكات، وخلال الرحلة وبسبب المطاردات فقد اثنين من أبنائه، الأمر الذي ادخلهم في حالة صعبة للغاية.
وأضاف : المفاجأة كانت أن بعض الأسر وجدت أطفاله واصطحبتهم إلى مدينة حلفا، وبعد وضع نفسي مؤثر وجدناهم هناك. وتابع : هناك عدد من العائلات فقدت الأطفال أثناء رحلة النزوح ولا يوجد لهم أثر حتى الآن.
تحذيرات دولية
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إن “ما لا يقل عن “10” أطفال قتلوا وأصيب “43” آخرون في تصاعد العنف بولاية الجزيرة، وذلك بعد اتهامات محلية ودولية لقوات “الدعم السريع” بـ”ارتكاب جرائم قتل جماعية”.
وذكرت مديرة “يونيسيف” كاثرين راسيل، في بيان: “أشعر بقلق عميق إزاء العنف المتصاعد ضد الأطفال، لقد “تلقينا تقارير مدمرة تفيد بأن العديد من الفتيات لا تتجاوز أعمارهن (13) عاماً تعرضن للاغتصاب”.
بدوره، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، “وردت تقارير تقول إن قوات “الدعم السريع” ارتكبت المزيد من عمليات القتل الجماعي والاغتصاب، يجب أن تتوقف المجازر ضد المدنيين ويجب محاسبة الجناة”.
مشكلات نفسية
من جهتها تقول الاختصاصية النفسية مواهب محمد أحمد لـ (مشاوير) : يعد الأطفال حلقة واحدة من سلسلة الاستضعاف الواقع على المدنيين أثناء الصراع المسلح، وهم الأقل قدرة وتكيفاً مع الفواجع الناتجة من الحرب بفقدان الأهل أثناء رحلة النزوح أو الموت والاصابات، أو تعرضهم للعنف الجنسي والاختطاف، مما يترك آثاراً عميقة في تعايشهم واندماجهم في المجتمع بعد انتهاء الحرب أو المجتمع الجديد في حالات النزوح أو اللجوء.
وتضيف : هناك آثار ملموسة على هؤلاء الأطفال جراء ما يختزنونه من مشاعر الألم التي مروا بها، مما يوصلهم إلى مشكلات نفسية قد تتحول إلى معاناة، إن لم يتم تلافي الحالات واحتوائها ومساعدتهم على تجاوزها.
وتابعت : ربما يتحول الأطفال في ظروف عدم الاستقرار إلى أهداف سهلة للتجنيد في الميليشيات والحركات المسلحة أو الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، أو أن يكونوا عرضة للاتجار والعمل القسري وحياة التشرد والتسول.