اضحت أزمة التمييز العنصري مهددا حقيقيا لوحدة النسيج الاجتماعي السوداني في ظل تفتق الحروبات والنزاعات من فترة إلى أخرى بفعل غياب الوعي واستغلال أفراد وجهات سياسية لهشاشة الأوضاع بمناطق بعينها ما يخلف الدمار والموت الذي أدى لفقدان قرى بكاملها.
وبحسب ما يقوله مراقبون فان الوضع الماثل بالسودان يتطلب تصحيح السلوكيات الخاطئة من أجل بناء دولة المواطنة والحقوق .
ونبه قانونيون إلى معضلة غياب سيادة حكم القانون
ما يحتم على الدولة السودانية بموجب الاتفاقية الدولية القضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري 1969، والتي تشكل الأساس المعياري الذي تستند إليه كافة الجهـود الدوليـة للقضاء على التمييز العنصري،و واجب حظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله.
أبدى ناشطون اجتماعيون امتعاضهم من بعض مظاهر التمييز العنصري التي تمارس بشكل فاضح ضد مكونات ومجتمعات بعينها، ما خلق غبناً وكراهية بين المجتمعات والقبائل التي تعيش مع بعضها البعض ما اسهم في إضعاف وحدة الصف الوطني وتفكيك النسيج الاجتماعي.
وحملوا النظام المباد مسؤولية تفشي الظاهرة وتبعاتها التي لا تزال تفتك بنسيج السودان واستقراره.
وأكد الأمين العام لهيئة محامي دارفور الصادق علي حسن، ان التمييز العنصري في السودان ثقافة أنتجتها ممارسات خاطئة وتمييز اجتماعي وارجع هذا السلوك لضعف القوانين الخاصة بمكافحة العنصرية والتمييز، واشار إلى وجود الكثيرين الذين يعانون من الإحساس بالظلم والاضطهاد بسبب العرق والنوع، وحذر من تداول نكات تقلل من فئات ومناطق بعينها.. و أضاف : “هذه الممارسات لم تكن في العهود السابقة تمثل ظاهرة مقلقة، لكن في عهد البشير تفشت بشكل مقيت، وأججت مشاعر جماعات وأفراد وجعلتهم يحسون بالنقص، لدرجة حرمانهم من بعض الوظائف لأسباب عنصرية وقبلية. وأكد أن استمرارها سيؤدي إلى نتائج كارثية في ظل هشاشة الأوضاع السياسية والأمنية .
وشدد الصادق على ضرورة تصحيح السلوكيات الخاطئة من أجل بناء دولة مواطنة وعدالة اجتماعية”، ونبه الى أن كثيراً من المشكلات والنزاعات التي تقع من حين إلى آخر بين القبائل السودانية التي تعيش في منطقة واحدة تنطلق من تعليقات عنصرية بين أفراد محددين، ثم تتحول إلى نزاع وانقسام مجتمعي يقود إلى ما لا تحمد عقباه.
وتمسك الصادق بأهمية سن قوانين رادعة لمعاقبة كل من يمس مظاهر الإنسانية بشكل عام، ومن أهمها قضايا التمييز العنصري، لافتاً إلى أنه ليس شرطاً أن تضع الدولة هذه القوانين، فمن الأفضل أن تقوم المجموعات المجتمعية بتقديم اقتراحات بمشاريع قوانين خاصة بمكافحة العنصرية، على أن تقوم الجهات العدلية في البلاد بصياغتها وفق سلطاتها التشريعية ضمن التغيير المنشود.
ومن جانبه أكد القانوني يعقوب حسين أن ظواهر التمييز العنصري في المجتمع السوداني مسكوت عنها وقد لا تظهر بشكل علني، كما أن المحاكم السودانية نادراً ما تشهد مثل هذا النوع من القضايا، إلا في حدود ضيقة جداً، وغالبية أسبابها الكبت والإهانة، لافتا إلى أن القانون الجنائي السوداني لا يتضمن بشكل واضح أي حديث عن العنصرية.
واتفق محدثي مع سابقه على أن النظام المباد كان له دور في إشعال نار العنصرية، حيث كان يتبع سياسة فرق تسد في تعامله مع القبائل، وهو من استخدم لفظ زرقة (أصحاب اللون الأسود الداكن) وعرب في حرب دارفور، حيث كان يُسلح قبائل ضد أخرى، ولا يتورع عن استخدام ألفاظ دامغة في العنصرية، حتى أصبحت العنصرية شائعة في المجتمع من خلال الخطابات السياسية وقتها.. واشار يعقوب إلى خطورة حملة اثارة النعرات التي كانت نتائجها فادحة بالنيل الأزرق وشرق السودان ما يستدعي تضافر الجهود المجتمعية والرسمية لاخماد نار الفتنة؛ وراهن يعقوب على وعي الجيل الحالي وقطع بأن التغيير السياسي والاجتماعي بيده حال توافرت له الظروف، ونبه إلى انتظام حملات قال انها ستسهم في اجتثاث وباء العنصرية.
(*) صحفية