Uncategorized

حكومة المنفى.. جدلية “التقدم” وبورتسودان  

مشاوير - الزين عثمان   

انتهت اجتماعات تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” في عنتبي اليوغندية دون ان تحسم امكانية تشكيل حكومة منفى سودانية وسط تباين في وجهات النظر بين المكونات المشكلة للتحالف الداعي لإنهاء الحرب والعودة للنظام الديمقراطي في البلاد  

في الوقت الذي بدا فيه رئيس التحالف ورئيس وزراء حكومة الثورة المنقلب عليها عبد الله حمدوك غير داعم لخيار تشكيل حكومة منفى وفقاً لاسباب يرى انها موضوعية مثل تعزيز الانقسام في البلاد وتجعل من حكومة المنفى تحت امرة قوات الدعم السريع بدأ تيار آخر وكأنه داعم لخيار تشكيلها لدرجة ان تسريبات صحفية وصلت حد اعلان اسماء الحكومة المقترحة وأن ذلك تم عقب اجتماع من قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو وفقاً لهذه التسريبات . 

حسناً يثير مجرد التداول حول الخطوة ردود أفعال متباينة ومختلفة وسبق للمبعوث الامريكي للسودان توم بريلو ان حذر من الخطوة معتبراً انها ستزيد من حدة الانقسام وتعقيد المشهد السوداني المعقد أصلاً . 

وفي بيان لها اعلنت الحركة الشعبية التيار الديمقراطي التي يتزعمها ياسر عرمان وتمثل احد المكونات في تحالف تقدم رفضها لتشكيل حكومة منفى مبررة لموقفها بعدة اسباب منها ان الخطوة من شأنها ان تشرعن لعملية تقسيم السودان وهو الأمر الذي يمكن قراءته من خلال متابعة خارطة سيطرة طرفي النزاع فقوات الدعم السريع تسيطر على معظم مناطق دارفور بينما يسيطر الجيش على وسط وشمال وشرق السودان , وترى الحركة الشعبية ايضاً ان من اسباب رفضها تشكيل حكومة منفى ان الخطوة من شأنها أطالة أمد الحرب وبالتالي معاناة المواطنين ورأي البيان ان الحل ليس في تشكيل حكومة منفى وانما في ضرورة عزل المنادين بالحرب وهي خطوة من شأنها المحافظة على وحدة السودان ومعالجة الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين . 

والتزاماً بذات مخرجات اجتماع عنتبي ل “تقدم” اعتبر البيان انه لا شرعية في السودان غير تلك المكتسبة من ثورة ديسمبر التي اطاحت بنظام الرئيس عمر البشير وحزبه المتهم الرئيسي في اشعال الحرب بحسب رؤية المعارضة التي تقول ان رغبة المؤتمر الوطني المحلول في الانتقام من الشعب الذي اسقطه هو ما يغذي الحرب ويعمل على استمرارها  

بالطبع فان استدعاء عبارة الشرعية يستدعي بدوره مخاوف اخرى تتعلق بالشرعية التي يمكن ان تجدها حكومة المنفى في نسختها السودانية فهو يطرح اول سؤال من يعترف بتكوينها من الدول وبالطبع ما هو ثمن هذا الاعتراف ؟ ويمضي سؤال الشرعية من الاعتراف نحو شرعية الممارسة على ارض الواقع وما هو حجم السلطات التي يمكن ان تجدها الحكومة المقترح قيامها واين ستمارس سلطاتها ؟ ومن يحميها وينفذ قراراتها وهو ما يعيدنا لنقطة البداية المتعلقة بمناطق نفوذ الدعم السريع فهل تمتلك تقدم بخلفيتها المدنية ما يمكن ان يجعلها تأمر جنود وضباط الدعم السريع ؟ وهل يستجيبون؟ يبدو الأمر هنا وكأن التحالف المدني يريد ان يلوث ثوبه بانتهاكات وتجاوزات الدعم السريع وما أكثرها في الحرب . 

لكن في مقابل من يرفضون الخطوة ثمة من يرون ضرورة تشكيلها بغية الضغط وسحب الشرعية من حكومة بورتسودان كما انه ووفقاً لاصحاب هذا الرأى فان المواطنين الموجودين في مناطق سيطرة الدعم السريع خصوصاً في ظل استراتيجيات ما يطلقون عليها حكومة بورتسودان يرون في الخطوة الطريق نحو إنهاء الحرب بحسب ما قال القيادي في تقدم والحزب الاتحادي الديمقراطي أبراهيم الميرغني الذي قال انه آن الأوان للقوى المدنية استرداد شرعيتها المفقودة واصفاً حكومة بورتسودان بالفاقدة للأهلية والشرعية وانها لا تكترث لاهوال حربها ومعاناة السودانيين معتبراً ان الطريق نحو ذلك هو التوافق على تشكيل حكومة “سلام” تبسط سلطتها على كامل تراب الوطن دون ان يحدد كيفية تحقيق ذلك  

بعيداً عن سؤال من ينتصر في رؤيته داخل مكونات “تقدم” فإن السودانيين الذين يدفعون فاتورة الحرب الآن لا يشغلون بالهم بمثل هذا النوع من الأفكار يتساءلون حول ما الذي تقدمه لهم حكومة الامر الواقع في بورتسودان ؟ ومعاناتهم اليومية لا تنتهي من عملية الحصول على الطعام و الشراب و الكهرباء والوقود و العلاج و “الرواتب” و تعليم الصغار .. يحدثني أحدهم بحسرة الجدل الآن لا يبدو حول حكومة منفى او سواها الجدل يجب ان يكون حول اعادة اكثر من 10 ملايين سوداني من المنافي الجدل يجب ان يكون حول رصف طرق عودتنا لبيوتنا ولحياتنا النقاش يجب ان يكون حول اولويات ايقاف الحرب لا كيف ومن أين نحكم الشعب . 

ويكمل دعك الآن من جدل القوى المدنية حول تشكيل حكومة منفى ما الذي قدمته لنا الحكومة الموجودة الآن لمقاومة اوجاع الحرب التي نعيش وسط أهوالها ؟ ويختم المطلوب الآن ليست حكومة منفى المطلوب ان تعود النخب من “منافيها” حين يتعلق الأمر بما يريده الشعب . السودانيون لا يرغبون في اكثر من الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى