استغلال النازحين والتكسب من معاناتهم
الإيجارات في الولايات السودانية الآمنة .. استغلال للنازحين وبروز وظائف جديدة
مشاوير – تقرير: منهاج حمدي
أجبر تصاعد وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، آلاف المواطنين على النزوح من العاصمة الخرطوم، كما دفع اجتياح ولاية الجزيرة من قبل الدعم السريع آخرين على اختيار وجهات نزوح جديدة في الولايات الآمنة.
ويعيش الهاربون من ويلات الحرب أوضاعاً صعبة للغاية في رحلة البحث عن مساكن بسعر مناسب، في وقت سجلت فيه قيمة إيجارات المنازل والشقق أرقاماً غير مسبوقة في مدن بورتسودان وعطبرة والقضارف وكسلا، و دنقلا، و حلفا.. بينما تقل القدرة على توفير المبالغ المطلوبة بعد نفاد أموال غالبية المواطنين وتوقف أعمالهم اليومية، فضلاً عن عدم صرف الرواتب لأكثر من (10) أشهر.
جشع واستغلال
إلى ذلك، يستغل كثيرون أزمات النازحين ويعملون على زيادة أسعار الإيجارات لمعدلات فلكية من أجل الحصول على أموال ضخمة، علاوة على بروز وظائف جديدة مثل مساعد سمسار ورسوم معاينة الشقق قبل إتمام عملية الإيجار وغيرها من الأزمات.
يقول المواطن صديق علي حسن لـ (مشاوير) : غادرت ولاية الجزيرة وتحديداً مدينة مدني عقب اجتياح قوات “الدعم السريع” الإقليم، فانتقلت إلى مدينة بورتسودان، وبعد بحث استمر أسبوعا كاملا وجدت شقة سكنية مقابل مليون و200 ألف جنيه، لكنني صدمت حين طلب مني السمسار مبلغ (100) ألف رسوم معاينة للشقة متحججاً ببعد المسافة والتحرك بسيارته، وأن هذه شروط جديدة ضمن بنود الإيجارات.
وأضاف : لم يكتف السمسار بذلك فقط، بل طالب بمبلغ (150) ألف جنيه لمساعده الذي يقضي ساعات طوال للبحث واختيار أفضل المنازل والشقق على حد قوله، وتابع : اكتظاظ مدينة بورتسودان بالنازحين جعل أسعار المساكن ترتفع بصورة مبالغ فيها خصوصا بعد تزايد الطلب عليها بشكل شبه يومي وتوافد الكثير من المواطنين من المناطق التي تشهد معارك عسكرية وانتهاكات ضد السكان.
دروس الحرب
من جهتها تقول المعلمة بمرحلة الأساس زينب الطيب لـ (مشاوير) إن تفاقم الأوضاع الأمنية والمعيشية في ولاية الجزيرة جعلها تغادر مدينة سنار مع أسرتها للبحث عن منطقة آمنة للاستقرار بشكل مؤقت.
وتشير إلى أنها اختارت مدينة عطبرة شمال الخرطوم، وحالفها الحظ في الحصول على منزل استأجرته بـ (800) ألف جنيه سوداني، لكن الأم لطفلين وجدت نفسها محاصرة بعد إصرار مالك العقار وبضغوط من السماسرة على مضاعفة قيمة الإيجار مرتين، مستغلين في ذلك توافد النازحين إلى المدينة.
ولفتت إلى أنها رفضت الاستجابة للابتزاز والمغالاة خصوصاً أن المنزل لا يستحق المبلغ المطلوب، واضطرت للرحيل والبحث عن منزل جديد. ونبهت المعلمة بمرحلة الأساس إلى أن السودانيين لم يتعلموا من دروس الحرب، وبات بعضهم جشعين للغاية دون مراعاة لظروف الناس في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
تدخل الدولة
فادية عبد الرحمن التي اختارت النزوح إلى مدينة كسلا شرقي البلاد بعد اجتياح قوات “الدعم السريع” لمدينة الحصاحيصا، قالت لـ (مشاوير) إن أسعار الإيجارات وصلت معدلات غير مسبوقة وتفوق قدرة المواطنين على دفع مستحقات الإيجار.
وأضافت : يجب على الدولة والسلطات المسؤولة التدخل لإلزام أصحاب العقارات على تقاضي الحد الأدنى من سعر الإيجار حتى يتمكن النازحون من الاستقرار في الولايات الآمنة. وتابعت : ما يحدث يعد جشعا واستغلالا وابتزازا، ومن غير الممكن في ظل هذه الظروف الصعبة مطالبة السماسرة برسوم معاينة للمنازل والشقق ودفع مبالغ مالية لمساعدي السماسرة والترحيل والوجبات وغيرها.