مخاوف حقيقية بدأت تطل برأسها في السودان الذي يعاني أهله أوضاعاً معيشية صعبة بسبب الحرب، عقب تقارير أشارت لظهور حالات سحائي خصوصاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تراوحت بين 46 و47 مئوية، ترافق معها ارتفاع في نسبة الرطوبة التي تضاعف الإحساس بالسخونة، فضلاً عن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة بالقطاع السكني، مما يفاقم الوضع ويزيد مخاوف ضربات الشمس والالتهاب السحائي الذي يعرف محلياً بـ “أبو فرار”. و مع مخاوف ضربات الئمس يزداد تفشي وباء الكوليرا في بعض المدن ووصل لنحو 2500 حالة، فضلاً عن أن أكثر من 3.1 ملايين شخص معرضون لخطر الإصابة بالإسهال المائي.
أزمة صحية
تأتي هذه التطورات تزامناً مع تدهور الصحة البيئية في مدن سودانية عديدة بسبب تراكم أطنان القمامة والنفايات بجانب بداية فصل الخريف، وفي المقابل يعاني القطاع الصحي أزمات متلاحقة منذ اندلاع الصراع المسلح بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي، إذ أدت الحرب إلى خروج ثلاثة أرباع المؤسسات الصحية من الخدمة بحسب ما اوردته منظمة “أطباء بلا حدود”.
مخاوف وأزمات
أثار ظهور حالات إسهال مائي في عدد من المناطق المخاوف من انتشار الوباء سريع العدوى في معسكرات الإيواء وتجمعات النازحين الفارين من ويلات حرب الخرطوم والمدن ذات الكثافة السكانية العالية.
واعتبر مؤمن حسن أحد النازحين في مدينة القضارف في حديثه لـ (مشاوير) أن كثافة انتشار البعوض ليلاً والذباب نهاراً يسهم في تفاقم الأوضاع الصحية ويتسبب في تزايد معدلات الوباء، من ثم يصعب مهمة الكوادر الطبية في محاصرة الكوليرا والقضاء عليها في فترة محدودة. وأضاف : استجابة السلطات ليست في حجم التحديات، على رغم البدء في عمليات الرش لمكافحة الحشرات، لكن الوضع يتطلب حملات توعوية مكثفة إلى جانب توافر الأدوية والمحاليل الوريدية وتوزيع ناموسيات واقية من البعوض.
تدابير وقائية
وبحسب تقرير وزارة الصحة السودانية الوبائي في الفترة بين 15 يوليو و27 أكتوبر الماضيين، توفي 73 شخصاً نتيجة الإصابة بالكوليرا، معظمهم في القضارف والخرطوم، فيما سجل عدد الإصابات 1059 حالة في ولايات القضارف والخرطوم وجنوب كردفان والجزيرة.
أجواء ساخنة
حدت الحرارة المرتفعة بصورة واضحة من حركة الناس في شوارع مدن بورتسودان وعطبرة وكسلا والقضارف ومناطق في كردفان، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي لساعات، وانحسرت مظاهر الزحام داخل الأسواق بشكل كبير، وبدأ المواطنون يحملون قوارير مياه الشرب باستمرار، كما التزم كثير من الناس منازلهم، غير أن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة أثناء ساعات النهار والليل فاقم حدة الصيف، ولم يرحم المحتمين بمنازلهم أو مكاتبهم.
في المقابل أنعشت درجات الحرارة العالية حركة بيع المياه والعصائر وارتفعت نسبة مبيعاتها بصورة كبيرة، لكن أصحاب المحال يشكون تعثر أعمالهم نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي دفع بكثير منهم إلى الاستعانة بمولدات صغيرة.
تحذيرات مستمرة
حذر الأطباء من خطورة اﻟﺘﻌﺮﺽ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻷﺷﻌﺔ ﺍﻟﺸﻤﺲ لما يمكن أن تسببه من مشكلات صحية عدة، على رأسها ضربات الشمس (السحائي)، كما نصحوا المواطنين بارتداء ﻣﻼﺑﺲ مريحة من الأقمشة الخفيفة..
بدورها، حذرت هيئة الأرصاد الجوية من الأخطار الصحية التي يتسبب فيها وجود الناس لفترات طويلة تحت الشمس، خصوصا خلال الفترة من الساعة الثانية عشرة ظهراً وحتى الساعة الثالثة عصراً، مطالبة المواطنين بحماية رؤوسهم بالأغطية واتباع جميع وسائل الوقاية خلال تلك الفترة التي تشهد ارتفاعاً استثنائياً في درجات الحرارة.