تقارير

السودانيون في صدمة بعد مجزرة “الكنابي” وانتهاكات مدينة ود مدني

تقرير - مشاوير 

على الرغم من بسط الجيش السوداني سيطرته على مدينة ود مدني ومناطق واسعة من ولاية الجزيرة، لم يتوقف نزف الدماء والقتل وسلسلة الانتهاكات والاختطاف والاغتصاب ضد المدنيين، واتهمت جماعات حقوقية وقوى سياسية وحركات مسلحة الجيش وحلفاءه بقتل (13) مدنياً واعتقال نساء في سياق حملة عرقية ضد سكان الكنابي. 

وأظهرت عشرات الفيديوهات المتداولة على نطاق واسع أفراداً يرتدون زي القوات المسلحة، وآخرون بثياب مدنية يرتكبون انتهاكات ضد سكان مدينة ود مدني بعد اتهامهم بالتعاون مع قوات “الدعم السريع”، حيث تم إحراق طفلين داخل منزليهما، وقتل ستة أشخاص، واختطفت (13) امرأة ورجلاً إلى جهة مجهولة. 

حملات منظمة

ومنذ تزايد انتهاكات “الدعم السريع” في ولاية الجزيرة ارتفعت أصوات في شكل حملات منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بإزالة “الكنابي”، وهي تجمعات سكنية لعمال المشاريع الزراعية من الولاية التي تضم أكبر مشروع زراعي في البلاد، بسبب اتهام سكانها بالتعاون مع “الدعم السريع” من خلال الإرشاد وتوفير المعلومات عن رموز المجتمع وأثريائه وقياداته السياسية المناوئة لتلك القوات، فضلاً عن المشاركة في عمليات النهب التي طالت المؤسسات الحكومية ومنازل المواطنين.

في المقابل لقيت هذه الدعوات استهجاناً من قبل قادة مجتمعات “الكنابي”، الذين اعتبروا أنها تقع ضمن إطار “استهداف عنصري وإثني ممنهج.

تصعيد خطير وادانة

في السياق، أدانت مركزية مؤتمر الكنابي بشدة ما وصفته بالهجوم العنصري الذي استهدف كمبو العجب في وحدة أبو قوتة الإدارية بمحلية الحصاحيصا في الأول من يناير، وقد أسفر عن استشهاد اثنين من أبناء المنطقة وإصابة ثالث بجروح خطيرة. 

وحملت مركزية أبناء الكنابي قيادة القوات المسلحة السودانية المسؤولية الكاملة عن التصعيد الخطير الذي شهدته المنطقة، حيث جاء في بيانها ضرورة القبض على المتورطين في الهجمات الأخيرة ومحاسبتهم أمام القضاء، كما دعت إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة خطاب الكراهية الذي يهدد السلم الاجتماعي، بالإضافة إلى توفير الحماية العاجلة لأبناء الكنابي وتعويض المتضررين من الأحداث الأخيرة، وأكدت أهمية إنشاء آلية لمراقبة تحركات المستنفرين لضمان عدم تفاقم الأوضاع.

وأشار البيان إلى هجوم آخر أدى إلى تهجير سكان كمبو لفة في أبو قوتة قسراً إلى قرية الرقل، حيث تم نهب ممتلكاتهم بما في ذلك عدد من الماشية والأبقار، هذه الأحداث تعكس حالة من الفوضى وعدم الأمان التي يعيشها المواطنون، مما يثير القلق بشأن حقوق الإنسان والحماية اللازمة للسكان المدنيين في ظل هذه الظروف.

واتهم البيان مجموعة قبلية مسلحة يقودها الطيب الإمام بالمسؤولية عن هذه الهجمات، مشيراً إلى أنها جزء من سلسلة من الممارسات العنصرية الممنهجة والتحريض المستمر ضد أبناء الكنابي، ويعتبر هذا التصعيد تهديداً خطيراً للتعايش السلمي بين مكونات المجتمع السوداني، مما يستدعي تدخل الجهات المعنية لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.

في سياق متصل، اعتبر جعفر محمدين، الأمين العام لمركزية الكنابي، أن الهجوم الذي استهدف كمبو العجب وكمبو اللفة كان مدبراً مسبقاً، حيث تم توزيع الأسلحة بشكل عشوائي على بعض القبائل بينما تم حرمان أخرى من المشاركة في الاستنفار.

وأشار إلى أن هذا التوزيع غير العادل للسلاح تسبب في تفاقم الأوضاع وزيادة التوترات بين القبائل، ودعا محمدين إلى ضرورة تشكيل آلية لمراقبة تحركات المستنفرين، محذراً من وجود عناصر عنصرية وجهلاء بينهم قد يسعون إلى زعزعة الاستقرار والتعايش السلمي.

الجيش يتعهد بالتزام القانون والمحاسبة

على الصعيد نفسه، أدان الجيش السوداني أمس الثلاثاء ما وصفها “تجاوزات فردية” ارتكبها بعض عناصره ضد سكان الكنابي في ولاية الجزيرة، وذلك بعد اتهامات وجهتها قوى سياسية وحقوقية للقوات المسلحة بارتكاب انتهاكات واسعة ضد هذه الفئة. 

وفي بيان صادر عن المتحدث باسم الجيش أكد ادانته لـ “التجاوزات الفردية” التي وقعت في بعض مناطق ولاية الجزيرة عقب استعادة السيطرة من قوات “الدعم السريع”. 

وشدد البيان على “التزام الجيش بالقانون الدولي الإنساني، وأكد حرصه على محاسبة كل من يثبت تورطه في أي تجاوزات ضد أي شخص في الكنابي أو قرى الولاية. 

وأشار البيان إلى “متابعة القوات المسلحة اللصيقة للحالة الأمنية في المنطقة بالتنسبق مع لجنة أمن ولاية الجزيرة لتأمين جميع المناطق ومنع الجهات التي وصفها بـ”المتربصة بالبلاد” من استغلال أي تجاوزات فردية للنيل من الجيش والقوات المساندة له. 

واتهم البيان قوات” الدعم السريع” بارتكاب جرائم حرب مستمرة ومروعة ضد المدنيين. 

قتل خارج القانون

بدورها، أدانت( محامو الطوارئ)، وهي هيئة حقوقية طوعية، التصفيات الميدانية لمدنيين بواسطة القوات المسلحة والمليشيات الحليفة لها، ووصفوا الاعتداءات على “كمبو طيبة” وشرق الجزيرة، بأنه يتخذ سياقاً عرقياً ومناطقياً يستهدف مكونات في ولاية الجزيرة بحجة التعاون مع (قوات الدعم السريع). 

ووفقاً للهيئة، فإن الانتهاكات تضمنت “القتل خارج نطاق القضاء، والتصفية، والاحتجاز غير المشروع، والخطف، والإذلال الجسدي والمعنوي، والتعذيب، والضرب الوحشي للمدنيين أثناء الاعتقال. كما أدانت الهيئة، في بيان، ما أسمته “انتهاكات القوات المسلحة في مدينة ود مدني، واعتبرتها جريمة حرب ارتُكبت في كمبو طيبة، مستندة على مقاطع فيديو وصور بُثت على الوسائط الاجتماعية عقب استرداد المدينة، طالت مدنيين.

دوافع انتقامية

من جهته أبدي حاكم دارفور رئيس حركة “تحرير السودان” مني أركو مناوي، قلقه العميق إثر وقوع مجزرة في منطقة الكنابي، مؤكداً أن الضحايا كانوا من المواطنين العزل. ووفقاً لمناوي، تم التأكد من أن الدوافع وراء الهجوم كانت انتقامية.

ودعا مني عبر منشور على منصة أكس، “جميع قادة القوات إلى ضرورة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، مشدداً على رفض أي مبرر للانتقام.

وقال مناوي: أبدينا قلقنا العميق عند سماع خبر وقوع مجزرة لأهل الكنابي، وتأكدنا من أن الضحايا كانوا من المواطنين العزل. مهما كانت المبررات، فإننا لن نقبل بحدوث أي مجزرة جديدة في البلاد. وأضاف: أوجه ندائي إلى قادة القوات بضرورة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة دون السماح لأي حالة من الانفلات تحت ذريعة الانتقام. 

إدانات واستنكار

سياسياً، أدان حزب المؤتمر السوداني ما أسماه “التحريض والاستهداف ضد سكان الكنابي، مؤكداً أن المدنيين تعرضوا لعمليات استهداف بما يسمى” قانون الوجوه الغريبة”. 

واتهم الحزب “المليشيات المساندة للجيش بالولوغ في جرائم حرق واغتيال وتصفيات جسدية واختطاف النساء.

وحذر الحزب من “انتشار خطابات التحريض ضد أهل الكنابي من قِبل عناصر النظام البائد، معتبراً انتهاكات الجزيرة جرائم حرب، وجرائم تطهير عرقي”، تمت بتحريض من عناصر النظام البائد الذين اتهمهم ببث الفتنة وتأجيج الكراهية والعنصرية والقبلية، وإثارة الضغائن. 

وحمل حزب المؤتمر السوداني حكومة بورتسودان والقوات المسلحة” المسؤولية كاملة عن تلك الجرائم، ودعاها لحماية المدنيين، وتوعد بمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم عاجلاً أو آجلاً بقوله: مرتكبو هذه الجرائم وغيرها من الانتهاكات والجرائم ستطولهم يد العدالة لا محالة. 

في المقابل، أدان، حزب الأمة القومي بشدة الجرائم التي ارتُكبت في قرية كمبو طيبة شرق أم القرى بولاية الجزيرة، واتهم ما وصفها بـ “مليشيات تابعة للمدعو أبو عاقلة كيكل” بارتكاب هذه المجزرة التي وصفها بأنها تصفية على أسس جهوية.

وحمل الحزب قيادة القوات المسلحة المسؤولية الكاملة عن حماية المواطنين من انتهاكات المليشيات المتحالفة معها، وطالب بإجراء تحقيق فوري في هذه المجزرة وضبط المتورطين ووقف الانتهاكات بحق المدنيين في جميع المناطق.وأعرب الحزب عن قلقه العميق إزاء ما وصفها بـ “الممارسات الانتقامية” التي تُنذر بجر ولاية الجزيرة نحو الفتنة، والزج بالمواطنين في أتون الحرب المدمرة التي تشهدها البلاد.

إدانة أميركية

من جهتها ذكرت السفارة الامريكية ان التقارير الواردة من ود مدني في السودان، التي تتضمن أعمالاً انتقامية ضد الأفراد، مروعة للغاية. يجب أن تتوقف هذه الأعمال فوراً. واوردت السفارة في تغريدة على منصة (X) انه “بينما نلاحظ إدانة القوات المسلحة السودانية لهذه الأفعال، فإنه يتوجب على القوات المسلحة السودانية والمليشيات المرتبطة بها اتخاذ إجراءات فورية للتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى