الحرب السودانية تقترب من عامها الثاني , بالطبع دون ان يحدث حسم عسكري لاي من طرفيها الجيش او الدعم السريع في وقت يتراجع فيه سؤال متى ينتهي هذا العبث ؟ لصالح سؤال هل يتباري الطرفان في مضمار من يقتل من المدنيين أكثر ؟
حسناً.. يومان للوراء تكشف لجان الطوارئ بمنطقة جنوب الحزام عما قالت انه مقابر جماعية لضحايا قصف الطيران بالقرب من طلمبة “امونيا” للوقود بمنطقة مايو وهي المنطقة التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع وهي الخطوة التي وجدت استهجاناً من جهات عدة حول استهداف المدنيين .
وقبل ان يجف الدم المنهمر من ضحايا جنوب الحزام كانت ضربة اخرى لسلاح الطيران على منطقة كبكابية بشمال دارفور تنتج عشرات الضحايا من المدنيين قبل ان يعلن الجيش السوداني توجيه ضربة لاهداف بمدينة نيالا بجنوب دارفور ، لكن بياناً من قوات الدعم السريع يدين الضربة ويصف الجيش باستهداف المدنيين وهو ذات ما جاء في بيان من تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” حيث ادانت ما قالت إنه استهداف ممنهج للمدنيين يؤكد على عبثية الحرب ، لكن بياناً لاحقاً للقوات المسلحة يستهجن بيان “تقدم” ويصفها بالجهات الداعمة للتمرد ويؤكد على التزامه بقواعد الحرب . .
على الأرض وتحديداً في مدينة الثورة بامدرمان “منطقة سيطرة الجيش السوداني” يتسبب تدوين قوات الدعم السريع في حريق لحافلة تحمل ركاباً مدنيين وموت الجميع لكن الأرقام التقريبية لضحايا القصف المدفعي الاخير على منطقة امدرمان وعلى الاسواق بواسطة قوات الدعم السريع يتجاوز “السبعين” مدنياً وفقاً لتقديرات غير رسمية .
وتبدو ظاهرة التدوين العشوائي على التجمعات المدنية هي إحدى السمات البارزة في سلوك قوات الدعم السريع في صراعها مع القوات المسلحة حيث لا يتورع جنودها من توجيه قذائف موتهم نحو مناطق تجمعات المدنيين “اسواق مستشفيات او حتى مدارس للاطفال واخيرا مركبات نقل عام” لكن ما يسميه البعض تدويناً عشوائياً على المواطنين يصفه المواطنون بالمقصود لذاته وانه ليس عشوائياً وان هدفه الاساسي هو “تدوين رغبته” في الحياة حتى وان كانت حياة وسط الموت وانهم هم الهدف الاساسي له ما يعزز عبثية الحرب ومن أهدافها الأساسية قتل المدنيين لا سواهم .
تشيير التقارير الخاصة بالمنظمات ان السودان يعيش أسوأ كارثة انسانية بفعل الحرب الدائرة وهي التقارير التي تترافق وتقارير اخرى تدين سلوك الفاعلين في الحرب الآن وتعاطيهم مع المدنيين بشكل عام فهم أكثر من يدفع فاتورتها الآن وانهم يأتون في قاع سلم اهتمامات المتصارعين فوق “رؤوسهم” وفي قلب بيوتهم .
المفارقة انه في حرب السودان هي تحول موت المدنيين برصاصات المتقاتلين لحرب أخرى كل يحاول من خلالها تعزيز مكاسبه السياسية .بحيث يمثل موت المدنيين بالطيران لحظة فارقة بالنسبة لمناصري الدعم السريع يحاولون من خلالها إثبات سوء الجيش يتم في انتقادها تداول عبارات مثل ضرورات ضرب الحاضنة الاجتماعية للدعم السريع والتطهير العرقي وبالطبع تجدد المطالب بضرورة حظر الطيران . بينما موت الناس بتدوين الدعم السريع هو فرصة سانحة لأنصار الجيش لاثبات فرضيتهم بسوء سلوك المليشيات ومن يدعمونها ومهاجمة الدول التي تدعمها وبالطبع ترديد طلب ضرورة تصنيفها بانها منظمة إرهابية
الكومة الفاشر التي لم يتوقف فيها الموت ” نيالا وكبكابية ، مدني و جنوب الحزا م و أمدرمان و اسواقها وحافلات الركاب “التبون” قرى شرق الجزيرة أقل من اسبوع وضحايا يتجاوزون نصف الألف من السودانيين مبتوري أطراف واناساً تقطعت بهم السبل . ومعارك بعيداً عن المعركة وحقيقة يصعب الصعود عليها مفادها ان المدنيين السودانيين هم منصة الموت في حرب العبث التي يحاول من يخوضونها ان يضعونها بين قوسي “الديمقراطية والكرامة”
مؤسف أن نكون نحن البسطاء من يدفع الثمن مؤسف جداً ان نهرب من الحرب في مكان لتلاحقنا في آخر ما ذنب من يبحثون عن رزقهم في الاسواق ليتحولوا لأشلاء ما ذنب مآذن المساجد وبوابات المشافي ؟ باي سبب يقطعون على سيدة طريقة وصولها للسوق في حافلة مهترية ليحولون مشوارها للمقابر .. الى متى هذا الجحيم ؟ وما هي النتائج المنتظرة منه ؟ تطرح سيدة سودانية تساؤلاتها ثم تجيب وحدنا الضحايا ولا بواكي ثم تردف لن يتغير شيء طالما ان الشعب في نظر من يتحاربون باسمه مجرد خسائر جانبية .