تفاقمت معاناة آلاف النازحين السودانيين وبات مصيرهم مجهولاً عقب قرار السلطات في بعض الولايات الآمنة إخلاء المدارس وسكن الطلاب، إلى جانب انطلاق العام الدراسي في مدينة بورتسودان عقب عطلة عيد الفطر، فضلاً عن وجود أعداد كبيرة في المدن التي سجلت النسبة الأعلى لاستضافة الفارين من ويلات الحرب مثل كسلا وعطبرة والقضارف وغيرها.
ومع استمرار الصراع المسلح بين الجيش وقوات “الدعم السريع” يواجه النازحون، لا سيما القادمين من ولايتي الجزيرة وسنار أزمة مأوى وملاجئ لأسرهم، بخلاف معاناة الموجودين في المدن الآمنة الذين طلب منهم إخلاء مقار المدارس وسكن الطلاب التي يتخذونها دوراً للإيواء.
معاناة وأزمات
في مدينة عطبرة تم طرد (15) أسرة و200 نازح من المدارس، يقول ناجي عمر الذي خرج مع أسرته من منطقة أم القرى بولاية الجزيرة عقب عيد الفطر واختار مدينة كسلا مقراً للنزوح إنه تفاجأ بقرار السلطات بمنع دخول نازحين جدد.
ويضيف : بعد معاناة انتقلت إلى مدينة حلفا الجديدة واستضافتني أسرة تقيم هناك بشكل مؤقت، ولا أدري ماذا افعل حال طلبت مني المغادرة بسبب نفاد مدخراتي المالية.
وتابع : المدن الآمنة تعاني من اكتظاظ النازحين، علاوة على انطلاق العام الدراسي بعدد منها، بالتالي لا توجد مراكز إيواء خصوصا بعد مطالبة السلطات إخلاء مقار المدارس دون إيجاد بدائل لآلاف العائلات.
وأوضح أن حكومات الولايات التي لم تطلها الحرب لم تراعي لظروف الفارين من ويلات الصراع المسلح على الرغم من وجود أطفال ومسنين ومرضى مصابين بأمراض مزمنة، فضلاً عن حالات تحتاج إلى إجراء عمليات جراحية.
قرار صادم
وفي هذا الصدد، اعتبرت المتطوعة بمراكز الإيواء في مدينة كسلا، سمر سليمان في حديثها لـ (مشاوير) أن قرار سلطات الولاية بعدم استقبال نازحين جدد صادم ويفاقم معاناة النازحين بشكل كبير، ويشير إلى عدم التعاطي مع ظروف البسطاء بدليل عدم دعم حكومة الإقليم لمتطلبات المعسكرات من الغذاء والصحة والمعينات الأخرى، وكذلك حل لجان الخدمات والتضييق على المتطوعين والحد من عملهم.
وأشارت إلى أن المنظمات تسهم بنسبة 30 بالمئة في توفير الحاجات الضرورية للنازحين ويتكفل المتطوعون بتكملة بقية النواقص من خدمات صحية وغذائية، في وقت لا يوجد فيه أي دور لحكومة الولاية بشأن الدعم بأشكاله كافة.
ولفت سليمان إلى أن والي كسلا السابق منع دخول نازحين جدد بحجة الاكتظاظ وعدم وجود مقرات للإيواء، وهناك إجراءات معقدة حتى للنازحين الذين لديهم أسر في المدينة، إذ تقوم لجنة بزيارة العائلة ومعرفة صلة القرابة ودرجتها ومن ثم السماح للوافدين بالاستقرار، ويتم نقل الآخرين لمدينتي حلفا الجديدة وخشم القربة.
ونبهت المتطوعة في معسكرات الإيواء إلى أن الفارين من ويلات الحرب يعانون من الضغوط الاقتصادية والنفسية، وفي هذه الظروف القاهرة ينبغي التعامل معهم بشكل يحفظ إنسانيتهم وكرامتهم لكي يتمكنوا من تجاوز حالة الإحباط والتأقلم على الواقع الجديد في ظل الأوضاع الحرجة التي تمر بها البلاد.
أرقام مفزعة
تجاوزت أرقام النزوح واللجوء بعد مضي عام من حرب السودان كل توقعات المنظمات ووكالات الأمم المتحدة، لا سيما بعد تهجير ما يفوق 12789050 شخصاً داخلياً وخارجياً في حصيلة وصفت بالصادمة وصنفت أممياً بأنها واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم.
وبحسب التوقعات فإن عدد المحتاجين إلى المساعدات سيصل عتبة (30) مليون مواطن، والنازحون (12) مليوناً نتيجة الوضع المأساوي الذي يعيشه السودانيون.