ولسه الغريق قدام .
في إفادة اللواء الفاتح عروة ان قادة الجيش والمؤتمر الوطني وقتها ارادوا ان يقوم بتغيير البشير تحت ضغط الثورة الشعبية والإحتفاظ بالحزب وقيادته العسكرية لكن جرت الرياح بما لايشتهي الكيزان ، من وجهة نظري ان الجيش اراد ان يتبع نفس الوسائل القديمة التي عرفت في أكتوبر وابربل حين يضعف التحالف الطبقي الحاكم من العسكريين والمدنيين ويعلن عن (إنحيازه للشارع) عبارة إنحيازه للشارع المكررة ، والتي ادخلتها النخب في قاموس العمل السياسي . ستكون مع عبود بالقول أن صغار الضباط ضغطوا على القيادة العسكرية وأجبروها على التخلي عن الحكم . ومع سوار الذهب رئيس منظمة الدعوة الاسلامية لاحقاً وحتى مع البرهان ، ومن الطريف أن فكرة (الإنحياز) للشعب مثلما هي تاتي عقب الثورات الشعبية هي ايضاً تكون عنوان كبير لإنقلابات اي انحياز يقطع الطريق أمام الثورة الشعبية بالمارش وانحياز أخر تحت مسمى ثورة يقوم بها العسكريين ضد المدنيبن الذين هددوا بخلافاتهم وعدم مسؤوليتهم أمن البلاد وسلامتها هل هذا يعني انه لايوجد داخل الجيش ضباط بالفعل ينحازوا لخيارات الشارع نعم يوجد ولكن هو إنحياز للبنية التي تتم داخلها التحولات بصورة محسوبة ودقيقة وهي ليست بنية سياسية واجتماعية فقط وانما بالضرورة بنية وعي سياسي .اهم من قدم تحليل لهذا الدورة الشريرة السياسية كان الخاتم عدلان في اول وثيقة طرحتها حركة القوى الحديثة وفيها تحليل عميق لبنية هذه الأنتقالات وتحليل لفكرة التجمع الوطني الديمقراطي نفسها ذلك الوقت . لكن ورقة حق هذه بقيت حبيسة اسئلتها ولم يتم تطويرها وفي ظني ان طرح واسئلة الخاتم العميقة في تلك الورقة كانت أكبر من البنية التنظيمية والسياسية لمشروع حق نفسها.
في الثورة الشعبية الأخيرة كان هنالك معادل جديد دخل كشريك مزعج وهو الدعم السريع ولم يكن الجيش وحده او الطبقة التي يمثلها الجيش تملك حق ادارة المستقبل وتوزيع المعادلة الأجتماعية والسياسية بين اطراف النخبة السياسية كما كان في السابق ، لذا كان هتاف (الجنجويد ينحل) على ثوريته وبراءته لكن إذا بحثت عن مضمونه الاجتماعي والسياسي أو قل الايدلوجي كان يعبر عن رغبة كسولة للذهن الثوري في الحفاظ على الآليات المعتادة لاعادة تدوير السلطة من خلال ثورات شعبية ديمقراطية/ انقلاب / ثورات شعبية ديمقراطية او ما اطلق عليه ذات الذهن الكسول بالدائرة الشريرة وكما قلت أن الخاتم عدلان وحده من نظر بعمق معرفي وتحليلي لاليات عمل هذه الدائرة الشريرة .لم يكن شعار الجنجويد ينحل يحمل اي رؤية الى مابعد حل الجنجويد يمشوا وين يطيروا ، يختفوا ، تجي صاقعة تفرتق عقابهم المهم كان المطلوب أن يختفوا من الترتيب المتبع للتغيير في مشهد تبادل السلطة بين اطراف النخبة المدينية او مايمكن ان تسميهم بالوراث الحقيقين لتركة جهاز الدولة.
مافعله الدعم السريع الأن وانتج طائفة كبيرة اطلق عليها (البلابسة) وهم واقع الامر ليسوا الداعمين للجيش فقط او المدعين الانحياز للطريق الثوري الشعبي (وخلف ذلك يكمن الأنحياز الطبقي وهو مسالة موقع وسياق غميس يتداخل فيه الثقافي والعرقي والافندوي ..والحنين البي ماقدرو زاتو ) .الغضب من الدعم السريع فقط لانه يشبه حديدة علقت بترس التحولات واوقفت ماكينة العمل التاريخي المعتادة التي تتبادلها اطراف النخب السياسية . او مايمكن ان نقول بأنه قام بخرق آليات التفاوض التاريخي بين الطبقة العسكرية والمدنية في ضبط توقيت التحولات بين ديمقراطية وعسكر .لا ده جاب ليهم حرب عديل وقلع ونهب ومعاها شعارات كمان .وقال ان التاريخ لم يعد كما كان في السابق يحل بالثورة او بالأنقلاب . وبالفعل التاريخ لم يعد كما كان في السابق .
(*) كاتب وقانوني