في زمن الحرب: شباب البحير يكافحون زخاتٍ الرصاص بالقراءة – تقرير – الخير صالح عبدالله
في زمن الحرب واوقاتٍ الشدة تظل القِراءة ترافًا في حدٍ ذاتِها على عقولٍ مشغولةٍ بالأوجاعٍ في زمن ملئ بالانكسار والخوف كحال مدينة ” نيالا ” . لكن واقع الحال في مدينة الحُب والجمال كان مغايرًا للغاية بعد ان علمنا بان الأستاذ مُحسن محمد محمود قد قام بافتتاح مكتبة للقراءة في ( موقف الجنينة ) ، وهو ما اعتبره بعض المُثقفين تساميًا فوق الجراح وتمرداً على الأوجاع .
في ثنايا قُلوبهم غُصة الحزن ، وعلى وجوهِهم تجاعِيد رِهق المأساة ، جلسوا في ( البنابِر ) ليتأملوا في الكُتب مأساة الحُروباتٍ على طول تاريخ الإنسانية ، يُأنسون ذواتِهم من وحشة الأصدقاء الذين فرّوا ، وأولئك الذين قضوّا حياتهم برصاصٍ طرفي القِتال ، يتأملون بعضهم بعضًا ورغم أنسهم ومحبتهم لبعضهم إلا إنهم قد سئِموّا أحوال هذه الحرب اللعينة . تحت رِكام التشرد والقتل والنُزوح يطلعون على رواياتٍ الحُروب العالمية وتارِيخ المآسي . ثِمة أحد الشباب ظل يتفحص رواية ( الكارثة ) للروائي الفرنسي إيميل زولا الذي جسد مُعاناةٍ ومأساة الجُنود أثناء الحرب ( الفرنسية .. البروسية ) . في عزّ هذه الحرب اللعينة بزغت شموعٍ القِراءة من قبل فئة من الشباب الذين أكدوا للجميع بان الوعى سيهزم زخات الرصاص . ان كُنت سعيدًا واستطعت ان تذهب إلى ( موقف الجنينة ) بمدنية نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور ستجد لافتِة قُماش كبيرة مكتوبة بتحدٍ ( مكتبة المعرفة للقراءة المجانية ) وما أجمل مثل هذه المُنتديات في أزمنة الحرب ؛ فالقائم على هذه المُبادرة وهو الأستاذ محسن محمد محمود وزُمرة من الشباب يُريدون ان يفهم العسكر القارئ ما يفعه أثناء هذه الحرب سلوكيات وقرارات عبثِية خلقت واقعًا شديد البؤس قوامهُ العنف الذي يُؤسس لأنماط عيش مُتبدلة أساسها القُسوة وتدفع البشر أيضًا نحوٍ مصائر مجهولة لا يتضح منها سوى مِقدارٍ ما تحمله من آلم .
