“أولى خطوات السقوط السياخلاقى تبدأ بالتخلى عن قضايا الجماهير العادلة والمشروعة”
ثم يعقب هذا التخلى المحاولات الفطيرة والفقيرة فى محتواها الفكرى/السياسى لتبريره وتقديمه كمنفعة سياسية لشعوب السودان المغدورة، وهذا بالضبط ماتفعله الحركة الشعبية/ شمال عن طريق كتابها وإعلامها، الذين تفاجأؤوا مثل غيرهم بتوقيع التحالف السياسى والعسكرى فى نيروبى بين الجنجويد والحركة الشعبية التى صارت بلا مقدمات شريكة اصيلة فى انتهاكات وجرائم الجنجويد المستمرة حتى اللحظة، فى تناسى وتجاهل تام لتعارض حلف الجنجحركة لمحتوى مشروعها السياسى نفسه، مصحوبا بتجاهل تام لأهم اولويات ومبادئ العمل السياسى التى تقول ان *الاخلاقى يعلو على السياسى* مهما بلغت براغماتيته ( منفعته) وهى منفعة كالسراب يظنه الظمآن ماء.
الجنجويد هم الوجه الأقبح لدولة المركز الإسلاموعروبية، وهم يحاربون ببندقية أجيرة لصالح مشاريع قمع الحركة الجماهيرية فى رحلتها الشاقة نحو التغيير المدنى الديمقراطى. حملوها لصالح نظام الإنقاذ فى قتل وإبادة الشعوب السودانية بمن فيهم النوبة، وحملوها لقتل الشعب اليمنى بأموال السعودية والإمارات، ووجهوها لصدور الثولر الشرفاء فى سنة 2013، ووجهوها لصدورهم وهم نيام فى ميدان الاعتصام لصالح دولة الكيزان العميقة، ويحملونها الآن ضد الوطن وأهله بقتلهم ونهبهم وإغتصاب فتياته البريئات لصالح مشروع إمبريالى يسعى فقط لانهاك السودان ومن ثم الإنقضاض على موارده المهولة وتجيير موقعه الاستراتيجى المهم لصالحه.
لقد صحى كتاب واعضاء الحركة الشعبية على منظر وصوت قائدها السيد/ عبد العزيز فى قاعة احتفال توقيع ميثاق التأسيس بين الجنجويد وبعض الناشطين من أصحاب المنافع والقدرات الصفرية، وبعض التنظيمات السياسية صاحبة الأرجل الكسيحة التى لاتستند على شعبية تخول لها الحديث عن شخص واحد، ناهيك عن الشعوب السودانية، ولم ينسى السيد الحلو أن يسمى المجرم حميدتى وشقيقه القاتل رفاقا، فتأمل. وبعد أن فاق اعضاء الحركة الشعبية من وهل المفاجأة الصادمة، طفقوا يبررون لهذا التحالف فى لغة سياسية فطيرة وعدائبة تجاه منتقدى هذا التحالف، بدلا عن رفضه والإنحياز بشكل مبدئي وأخلاقى لمشروع الحركة نفسه.
الجنجويد مليشيا أسرية وهى أكبر ناهب لموارد السودان، وهى مليشيا أسرية تحركها دولة الإمارات بالكامل وعلاقتها بالتحول المدنى الديمقراطى والعلمانى كعلاقة منسوبيها بفلسفة الأخلاق. وهى مليشيا اقليمية تشن حربا على السودان قبل الجيش المختطف، وليس فى أجندتها، ولاعرفها ولامصالحها مايمت لمصالح الشعب بصلة، وقد ذهبت بخطة مخابراتية اماراتية إلى تحالفها مع الحركة الشعبية لأنها فى حوجة ماسة ومصيرية لغطاء سياسى يغسل عنها انتهاكاتها ودم المدنيين السودانيين، بعد ان فشلت قحت/ تقدم-قحت/صمود فى تقديم هذا الدعم السياسى، بالاضافة لحوجتها الماسة لطريق توصيل السلاح الاماراتى عبر الاراضى المحررة بواسطة الحركة الشعبية. الان ذهب المنشقون عن تقدم-قحت إلى التحالف الصريح مع المليشيا المجرمة، بعد أن صار إدعاء الحياد كذبة مفضوحة.
محاولات الحركة الشعبية فى تبرير هذا الحلف/الفضيحة، هى محاولات فطيرة وهشة وهتافية، بالاضافة لغرابتها البائنة، فالجنجويد هم ابعد المجموعات عن نص وضمير مشروع الحركة السياسى، فلاهم من دعاة العلمانية ولا يرغبون فى اى دولة مدنية تحجم مصالحهم الاجرامية، والامران يتعارضان عضويا مع مشروعهم الدموى العميل وقد قال حميدتى اكثر من مرة ان *الإسلام خط احمر* (الرابط)…ولن يستطيع الجنجويد، او غيرهم، فرض العلمانية بقوة السلاح، ولن يكون فى مقدور الحركة الشعبية جعل الجنجويد يتبنون اى مشروع سياسى إصلاحى، ولن يكون توقيع السيد عبد العزيز الحلو هو الوصفة السحرية لتحويل مقاتلى الجنجويد المجرمين من قتلة ومغتصبين ولصوص بالأجر والغنائم لمشروع استعمارى، إلى ثوار يحاربون لصالح مشروع ( السودان الجديد)، إنهم يحاربون ليسرقون ويغتصبون ولن يعرفوا غير هذا.
تحالف الحركة والجنجويد هو تحالف تم بضغوط وإغراءات اماراتية واقليمية لاطالة أمد الحرب وتوسيعها من اجل مصالحها ومصالح حلفائها بنتيجة مباشرة وهى إعادة وتواصل مسلسل قتل المدنيين فى جبال النوبة، ولذلك ترفض شعوب النوبة هذا التحالف قبل أن يرفضه غيرهم.
على الشرفاء داخل الحركة الشعبية العمل على رفض هذا التحالف الغير أخلاقى وإنتقاده بشكل علنى واسع، وترك المكابرة فى سبيل إرضاء قيادة الحركة على حساب مشروعها السياسى العظيم، والا فالسقوط المحتوم.
(*) كاتب وباحث سياسي