الرياضة ليست لعباً ، وإنما هي رسالة دبلوماسية وتربية ومنهج وقيم وأخلاق ، بل تهذيب للنفوس قبل حصد الكؤوس لذلك جاء المثل [ خلي أخلاقك رياضية ] الحكمة منه ضبط النفس وعدم التعصب حتى في حالة الهزيمة .
ما بين العام ٢٠٠٢ _ ٢٠٠٧م قامت حرب أهلية طاحنة في ساحل العاج بين الحكومة والمعارضة المسلحة ، إذ كانت بين جنوب البلاد الذي يسيطر عليه جيش الحكومة ، والشمال الذي يسيطر عليه جيش المعارضة والذين يشعرون بالتهميش والتمييز والعنصرية وهضم الحقوق ، فكانت واحدة من أشرس الحروب الاهلية في القارة الأفريقية ، فقدت فيها أرواح مدنية وعسكرية بالمئات ، وفي العام ٢٠٠٦م كانت تصفيات الأمم الأفريقية المؤهلة لكأس العالم بالمانيا وكانت ساحل العاج تلعب إلى جانب الكاميرون ومصر والسودان والمنتخب العاجي بقيادة الاسطورة الافريقية والقاطرة البشرية ديدي دروغبا ، الذي حمل احلام العاجيين في الصعود إلى كأس العالم ، وكان يحتاج إلى الفوز على السودان بالخرطوم ، مع تعطيل مصر للكاميرون إما بالفوز عليها أو التعادل ، وقد كان ، فتعادلت مصر والكاميرون ١/١ وفازت ساحل العاج على السودان ١/٣ وصعدت ساحل العاج إلى كأس العالم و عمت الفرحة العاجيين الحكومة ومن والاها من المواطنين والمعارضة ومن والاهم من المواطنين ، فوحد رفاق دروغبا مشاعر الشعب العاجي والحكومة والمعارضة ، فأرسل دروغبا رسالة إلى الحكومة والمعارضة من امدرمان بكلمات وطنية خارجة من قلبه بأن نحن بكرة قدم وحدنا شعبنا فأرجو من السياسيين حكومة ومعارضة ان تعلنوا وقف اطلاق النار وتبدأون بمفاوضات لأجل ايقاف الحرب واحلال السلام في البلاد والتحول الديمقراطي وإقامة الانتخابات ، فتداول كل الناس لا سيما الاعلاميين الوطنيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية بالبلاد هذه الكلمات الوطنية ، واصبحت هاشتاقات وتريند لوقف الحرب ، وكان حينها توج دورغبا بجائزة افضل لاعب بافريقيا وذهب إلى مدينة بواكي عاصمة المعارضة واهدى الفوز والجائزة للشعب والحكومة والمعارضة من تلك المدينة واحتفل من هناك ، مستخدماً ذلك في توصيل رسالة المحبة والسلام لكل الشعب ، ومن ثم أعلنت المعارضة والحكومة وقف اطلاق النار ، ودخلوا في تفاوض ووقع الاتفاق الأمني والسياسي الذي أنهى الصراع الذي استمر خمس سنوات ، والذي كان خطاب الكراهية هو الرافع الأساسي له ، ولعب دوراً كبيرا في تأجيج الصراع ، وكان ذلك اساساً للتحول الديمقراطي الذي تنعم به ساحل العاج حتى اليوم وهي تخطو بثبات في ترسيخ مبادئ الديمقراطية والحلول السلمية للحروب ، في واحدة من أعظم الدروس والعبر التي يجب أن تتعلم منها نخبنا السياسية في قارتنا الأفريقية ودولنا العربية خاصة [ السودان ]، النخب التي ادمنت الفشل والتشبث بالمناصب على حساب أجيال هضمت حقوقها فتعطلت التنمية والتقدم رغم الثروات والموارد التي تميزنا عن غيرنا .
فهل يفعلها رفاق الحبيب كابتن محمد عبد الرحمن في استعادة الحس الوطني واستشعار المسؤولية في ان المنتخب للجميع للقوات المسلحة ومن يقف معهم في هذه الحرب والدعم السريع ومن يقف معهم ، والأغلبية الصامتة التي تريد إنهاء الحرب واحلال السلام والتحول الديمقراطي ، كل مشاعرهم هذه الفترة والمنتخب والهلال يقدمان دروساً في القتال وحمل اسم السودان عالياً رغم الجراحات والآلام التي نعانيها كشعب قادت القارة الأفريقية لعقود تحرراً وعلماً واقتصاداً ووعياً .
أرجو أن تتوحد مشاعر المتحاربين وانفعالاتهم واحاسيسهم ومسؤولياتهم ، واعلامهم كما توحدت مشاعرنا في فوز الأمس لأجل ايقاف الحرب واحلال السلام .
رحم الله جميع الموتى
وشفى الله الجرحى
والعودة الآملة للمفقودين
أوقفوها هداكم الله .
#السودانيون يستحقون السلام
#لا للكراهية
# نعم للمحبة والتسامح.
(*) وزير الشؤون الدينية السابق