السينما الوطنية في مدينة عطبرة تحولت إلى مخزن لحديد التسليح بعد أن قام ملاكها باستئجارها إلى المصنع السوداني الماليزي. والسينما الوطنية هي واحدة من ثلاثة دور للسينما في مدينة عطبرة وقد كانت تشكل مع سينما الجمهورية وسينما عطبرة الجديدة بنية تحتية جيدة للسينما وصناعتها في مدينة عطبرة . علما بأن أول سينما في السودان شيدت في مدينة عطبرة من قبل الجيش الانجليزي في العام ١٩٣١م وهي سينما النجم الأحمر. وقد شهدت مدينة عطبرة أيضا ميلاد وإنتاج أول فيلم سينمائي روائي سوداني وكان بعنوان ( آمال وأحلام ) من إنتاج وأخراج رائد صناعة السينما في السودان الأستاذ الرشيد مهدي وقد تم تصويره في ستينيات القرن الماضي وعرض للجمهور في مايو ١٩٧٠.
وواقع السينما في مدينة عطبرة الآن في إظلام تام حيث أغلقت الدور الثلاثة للسينما أبوابها تماما وتحولت إحداها الي خرابة (السينما الجديدة.).
هذا الواقع المحزن لأحد أهم أدوات الثقافة يطرح تساؤلات مهمة :
كيف يمكن أن نبني وطنا دون أن نبني إنسانا واعيا ومتعلما ومثقفا ؟
كيف يمكن أن نصنع سلاما مستداما وعدالة وحرية في السودان دون أدوات لبناء الوعي والاستنارة في الانسان السوداني؟
كيف يمكن أن نبني إنسانا يقبل الحوار و التنوع ويحوله إلى قوة لا الى حروب عبثية دون الاهتمام بأدوات الثقافة التي تبني وعي هذا الإنسان؟
بل كيف يمكن من الأساس أن نبني إنسانا واعيا ومثقفا دون أدوات تثقيفية ؟
الوعي مكتسب وقابل للتطوير ، ويحتاج لأدوات منها السينما والمكتبات العامة ودور الرياضة والأندية والمراكز الثقافية والمجموعات الأدبية وغيرها من الأدوات .
كل هذه الأدوات في طريقها إلى الاندثار والتلاشي بفعل الإهمال و الصراعات والحروب . ومازال بعضنا يحلم ببناء مجتمع مستنير و متحضر .لكن هل يمكن تحقيق هذا الحلم دون أدوات ؟!