Uncategorized

600 يوم من الحرب و آلاف الضحايا وانتهاكات بلا نهاية

مشاوير _ الزين عثمان

تتذكر “حنان” لحظة مغادرتها منزلها بالخرطوم جنوب عقب اشتعال الحرب بساعات قليلة مثل الكثيرين لم تحمل معها الكثير من الاشياء ، كانت تخاطب نفسها ومن رافقوها في رحلة المغادرة ” لن يستمر الأمر طويلا ستتوقف الحرب وسنعود لمواصلة حياتنا بشكل عادي ” . لم يكن يدر بخلدها ان غياب الايام العشرة سيمتد ليصل ل 600 يوم بالتمام والكمال لكنه حدث .  

أكثر من 600 يوم مرت على الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 , الحرب التي استقبلها من يرفضونها بقولهم “لا يوجد منتصر على اشلاء شعبه” وتم وصفها بحرب لا يوجد منتصر فيها وان المهزوم الوحيد فيها سيكون هو الشعب السوداني . ففمن يقودونها لا يزالون يرددون عبارات تاكيد استمرارها بغض النظر عن مآلاتها ونتائجها الكارثية 

بعد 600 يوم من الحرب اليكم بعض من حصيلة الحرب السودانية مع الوضع في الاعتبار أن ما تم رصده من ارقام هو مجرد أرقام تقريبية في ظل غياب المؤسسات وصعوبة العمل وسط حرب بدت وكأنها صممت بشكل خاص ضد المدنيين . الذين دفعوا فواتيرها مضاعفة  

وصفت المنظمات المتخصصة ما يحدث في السودان وحربه بالكارثة الانسانية الأكبر .. تقول الارقام التقريبية ان أكثر من 61 الف سوداني لقوا حتفهم في العاصمة الخرطوم التي شهدت اطلاق الرصاصة الأولى . وربما تتجاوز ارقام من سقطوا في الخرطوم ومدنها الثلاث اضعاف ما تم الاعلان عنه ، حسناً ومع الخرطوم فإن مشاهد الموت في مدينة الجنينة مع حدود السودان مع تشاد حيث قامت قوات الدعم السريع بتنفيذ عمليات قتل على الهوية وتطهيراً عرقياً للمجموعات المقيمة في المنطقة وعلى رأسها حاكم الولاية ما دفع المجتمع الدولي باصدار عقوبات على من نفذوا مذبحة الجنينة.. وفي 600 يوم من حرب السودان يمكنك ان تتابع عشرات المذابح لمواطنين سواء تم ذلك عن طريق قوات الدعم السريع وهي تقتحم القرى والبلدات في مناطق السودان المختلفة او عبر ضربات الطيران التي ينفذها الجيش من حين لآخر . في حسابات موت المدنيين في الحرب يمكنك ان تحسب أكثر من 150 قتيلا

ً هم فقط ضحايا تدوين الدعم السريع على المدنيين في امدرمان والفاشر وطلعات الطيران في مناطق متعددة في أقل من اسبوع.  

افرزت 600 يوم من الحرب 11 مليون نازح داخل السودان وأكثر من مليون لاجئ في دول الجوار وسط ظروف حياتية بالغة الصعوبة والتعقيد مقروناً ذلك بصعوبة الوصول لنقطة آمنة خارج الحدود وحتى مناطق الإيواء في الولايات تفتقد لابسط مقومات الحياة . 600 يوم من الحرب تركت اكثر من 3 ملايين طفل سوداني بين مشرد في الداخل ولاجئ في الخارج، 

600 يوم من الحرب انتجت 33 الف اصابة بين المدنيين تعرض خلالها 133 مرفقاً طبياً للهجوم وخرجت 70% من المرافق الصحية عن العمل ولا يكاد يمر يوم حرب دون اعتداء على كادر صحي او تدوين على مستشفى كان آخرها المستشفى السعودي بمدينة الفاشر وضحايا الانهيار الصحي في البلاد يفوقون التوقعات بحسب ما يقول رئيس اللجنة التمهيدية لنقابة اطباء السودان.. 

600 يوم من الحرب تعني فيما تعني ان تدق المجاعة على الأبواب وبشدة خصوصاً وان معظم مناطق الانتاج الزراعي في البلاد تحولت لساحات معارك وتحولت الآليات الزراعية لغنائم لجنود الدعم السريع، ففي ولايتي الجزيرة وسنار 600 يوم من الحرب طرق فيها الموت على كل السودان ولم تعد هناك منطقة آمنة 600 يوم حرب ومعها التقارير التي تقول بان نصف السكان في السودان يعايشون انعدام حاد للأمن الغذائي وان أي منطقة في البلاد معرضة لشبح المجاعة في دارفور وكردفان الكبرى والجزيرة وبعض النقاط الساخنة في الخرطوم.  

600 يوم من الحرب ولا صوت أعلى من صوت المطالب بان ادعموا “التكايا” لم يعد الناس يملكون قوت يومهم 600 يوم من الحرب والنتيجة ان مستقبلاً مظلماً ينتظر الطلاب في مراحل التعليم المختلفة الجامعات في الخرطوم والجزيرة ودارفور اغلقت أبوابها المدارس صارت مساكن لمن دخلت الحرب لبيوتهم وامتحانات الشهادة السودانية يتجاذبها طرفا النزاع بين رفض وقبول جلوس الطلاب للامتحانات، 

600 يوم من الحرب تناقصت فيه قيمة الجنيه السوداني لمستويات قياسية فشلت خلالها حكومة الأمر الواقع في منح موظفي الخدمة العامة رواتبهم وتحولت معركة طرح عملة جديدة لمعركة أخرى بين طرفي النزاع حيث العملة المبرئة للذمة في منطقة هي نفس العملة التي تقود من يحملها نحو السجون في مناطق سيطرة اخرى .. 

600 يوم من الحرب وآلاف المفقودين لا يعرف مصيرهم وما يحدث داخل السجون والمعتقلات لا أحد يستطيع وصفه الناجي منها يكتفي بالصمت هذا ان استطاع القدرة على الكلام . والانتهاكات في كل مكان والنساء نصيبهن فيها هو الأكبر “قتل واغتصاب وخطف واستغلال جنسي وغيرها” .. 600 يوم من الحرب نجح من خلالها اطراف النزاع في اغلاق كل الممرات الآمنة بالنسبة للمدنيين وبالطبع فشلوا في المقابل في ايجاد طريق يقود نحو تسوية سلمية للنزاع ينهوا من خلالها معاناة السودانيين مع الحرب التي تطاولت ايامها ومع كل صباح جديد يخرج تصريح لاحد اطرافها يؤكد فيه استمرارهم فيها حتى حسمها . 

وكثيرون مثل حنان لم يدر في خيالهم ان تستمر الحرب لأسبوعين وهي تمضي الآن نحو عامها الثالث وتقودهم نحو المجهول . وليس امامهم غير أمنيات ان تنتهي الآن فلم يعد في جسدهم مكان لجرح جديد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى