واصل الطيران المسير استهداف بورتسودان لليوم الثالث على التوالي محدثاً حرائق كبيرة، إذ استهدف اليوم (الثلاثاء) المطار وقاعدة للجيش في المدينة التي تضم المقر الموقت للحكومة السودانية، بحسب مسؤولي المطار ومسؤولين أمنيين.
وقال المسؤولون إن مسيّرة “استهدفت الجزء المدني من مطار بورتسودان” المدخل الرئيس لدخول السودان، بعد يومين من ضربات بالطيران المسيّر استهدفت القاعدة الجوية في المطار التي اتهم الجيش قوات “الدعم السريع” بالوقوف وراءها، غير أن هذه الأخيرة لم تعلن مسؤوليتها عن الهجمات.
وقال مصدر في الجيش لوكالة الصحافة الفرنسية إن مسيرة أخرى استهدفت القاعدة الرئيسة للجيش في وسط المدينة فيما أفاد شهود بسقوط مسيرة في حرم فندق “مارينا” (كورال سابقاً) في وسط بورتسودان. وتقع قاعدة الجيش كما الفندق على مقربة من مقر قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
واستهدفت مسيرة أخرى “مستودعاً بالقرب من الجزء الجنوبي من ميناء بورتسودان” في وسط المدينة المكتظ، الذي انتقلت إليه الأمم المتحدة ووكالات إنسانية ومئات آلاف الأشخاص بعد مغادرة العاصمة الخرطوم.
وسُمعت انفجارات في ساعة مبكرة اليوم في أنحاء بورتسودان التي كانت تعد في فترة سابقة ملاذاً آمناً.
وأفاد أحد مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية بسماع دوي انفجارات فجراً وتصاعد سحب الدخان فوق المدينة، من ناحية الميناء ومن مستودع للوقود جنوباً، حيث تستعر حرائق كبيرة منذ أمس الإثنين عقب ضربة بالطيران المسير.
وبحسب قناة “العربية” فإن محاولات تجري حالياً لإطفاء الحريق المندلع في مستودع للوقود بمطار بورتسودان، موضحةً أنه جرى إخلاء المطار بصورة كاملة بعد استهدافه بمسيرة من قبل قوات “الدعم السريع”.
قلق أممي
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن “قلقه” إزاء التقارير المتعلقة بأول هجوم تنفذه قوات “الدعم السريع” على بورتسودان، المقر الحالي للحكومة السودانية الموالية للجيش، معتبراً أنه “تطور مُقلق”، وفق ما ذكر متحدث باسمه.
وقال المتحدث فرحان حق للصحافيين إن أنطونيو غوتيريش “يشعر بالقلق إزاء التقارير الأخيرة التي تتحدث عن هجمات بطائرات مسيرة على منشآت عسكرية ومدنية بالقرب من مطار بورتسودان، والتي يشتبه في أن قوات (الدعم السريع) نفذتها”.
واعتبر أن “هذا الهجوم على بورتسودان تطور مقلق يهدد حماية المدنيين والعمليات الإنسانية في منطقة كانت حتى الآن بمنأى من النزاع المدمر الذي تشهده أجزاء كثيرة من البلاد”. وأشار إلى أن هذا يبدو أحدث تطور في “سلسلة عمليات عسكرية انتقامية نفذتها قوات (الدعم السريع) والجيش السوداني، استهدفت مطارات في مناطق سيطرة” الطرف الآخر.
واستهدفت ضربة نفذتها “الدعم السريع” بواسطة مسيرات لأول مرة مطار بورتسودان، المدينة الواقعة على البحر الأحمر والتي تتمركز فيها الحكومة الموالية للجيش، على ما أعلن المتحدث باسم الجيش أول من أمس (الأحد).
وهذا الهجوم هو الأول من نوعه منذ اندلاع حرب مدمرة في أبريل 2021 على خلفية صراع على السلطة بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، الذي يعد الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب عام 2021، ونائبه السابق قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأكد المتحدث أنه على رغم أن بورتسودان أصبحت مركزاً لتنسيق المساعدات الإنسانية في البلاد، فإن هذه الهجمات “لم تؤثر مباشرة” في أنشطة الأمم المتحدة في المدينة، مشيراً إلى تعليق رحلات الأمم المتحدة الجوية من بورتسودان وإليها “بصورة موقتة”.
في أعقاب الهجوم على مطار المدينة عزز الجيش السوداني انتشاره حول المنشآت الحيوية في العاصمة الإدارية الموقتة بورتسودان، بما فيها القصر الرئاسي وقيادة الجيش. وأعادت السلطات السودانية فتح المجال الجوي بعد 12 ساعة من تعليق الرحلات الجوية حرصاً على حماية وسلامة المسافرين والطواقم الجوية بعد عملية الاستهداف.
الأمن القومي
وتضم مدينة بورتسودان إلى جانب المطار الدولي الرئيس للبلاد عقب الدمار الكبير الذي أصاب مطار الخرطوم، مقر قيادة الجيش والميناء البحري الرئيس في البلاد وقاعدة جوية وقاعدة فلامينغو البحرية.
وتفقد رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان مطار بورتسودان بعد استهدافه، وأكد قدرة الجيش على التصدي للمهددات التي تمس الأمن القومي، مشيراً إلى أن “مثل هذه المحاولات الجبانة لن تثني الجيش عن مواصلة معركته الوطنية، حتى القضاء على التمرد وداعميه الإقليميين”.
وجددت الحكومة السودانية دعوة المجتمع الدولي للإسراع في القيام بواجبه لحمل “الدعم السريع” على التوقف الفوري عن “هذه الأعمال الإجرامية التي تستهدف الشعب السوداني واستقراره وسلامة مرافقه الخدمية وبناه التحتية”. وطالب بيان لوزارة الخارجية بتفعيل القوانين الدولية “والضغط على الدولة الإقليمية الراعية للميليشيات المتمردة للتوقف الفوري عن توفير الأسلحة الحديثة والتمويل والتخطيط الإجرامي لخلق مزيد من الفوضى وتهديد السلم والأمن الإقليمي والدولي”.