“الجيش والإخوان”.. هل آن أوان فصل التوأمين؟!

الجميل الفاضل  

يبدو أن دولاً مقربة من البرهان لا تزال تشجع إقدامه على عملية شبيهة بعمليات فصل التوائم الملتصقة، (Siamese Twins). 

إذ تتوقف نسبة نجاح مثل هذه العمليات على موضع ودرجة الالتصاق، ومدى إمكانية فصل الأعضاء المشتركة دون التسبب بمضاعفات تهدد بقاء أحد التوأمين أو كليهما. 

وغالباً ما تتطلب هذه العمليات قرارات جراحية صعبة قد تُفضي إلى التضحية بأحد التوأمين لإنقاذ الآخر.

وفي السياق السوداني، تبدو هذه الاستعارة ملائمة لوصف العلاقة المعقدة بين الجيش السوداني وتنظيم الإخوان المسلمين. 

فقد أكدت الباحثة المصرية د. أماني الطويل أن القاهرة لا تزال تراهن على قدرة البرهان في تحجيم دور الإسلاميين، وترى أن ثمة فرصة لقادة عسكريين يمكن أن ينقذوا السودان من سيطرة هؤلاء الإسلاميين.

ومن جانبه، نبه الأستاذ الجامعي المقيم بأميركا خالد كودي إلى خطورة هذا الارتباط “العضوي” الذي نشأ منذ انقلاب الإنقاذ عام 1989، مؤكداً أن الجيش تحوّل منذها إلى مؤسسة أيديولوجية تفرض النظام بالقوة وتعيد تشكيل المجتمع وفق رؤية دينية وعرقية مغلقة.

وقد حمّل كثيرون هذا الارتباط مسؤولية إفشال أكثر من عشرة مسارات تفاوضية ومبادرات إقليمية ودولية، إرتطمت كلها بصخرة التغلغل “الإخواني” في مفاصل الجيش.

وتعزز هذه الفرضية الاعترافات الشهيرة التي أدلى بها الدكتور حسن الترابي عام 2010 في برنامج “شاهد على العصر”، حين أقرّ أن حركته بدأت مبكراً بالتغلغل داخل الجيش والشرطة والأمن بهدف السيطرة على الدولة. 

بل وصف تلك الإستراتيجية بأنها “انتهازية سياسية” ضرورية للوصول إلى الحكم، وأشار إلى أنه وضع خطة سرية منذ 1975 لتنفيذ انقلاب يونيو 1989.

ورغم أن هذه الاعترافات مضى عليها أكثر من عقد، فإن نتائجها لا تزال حيّة تؤثر على المشهد الحالي، بل وربما على مستقبل السودان. 

فالتاريخ، كما قال المؤرخ هايدن وايت، “ليس لفهم الماضي فقط، بل للتحرر منه”.

وبذلك، فإن سؤال “فصل التوأمين” لم يعد مجرد استعارة تحليلية، بل هو بالضبط ضرورة هذه المرحلة. 

فإما أن ينجح الجيش في إجراء هذه الجراحة المؤجلة، ويتحرر من أسر أيديولوجيا الإخوان، أو أن يظل السودان برمته عالقاً في دوامة حربٍ لا تنتهي، وماضٍ لا يغادر الحاضر.

Exit mobile version