كامل إدريس..مع من يصطدم أولاً..يا ترى؟ 

صلاح شعيب

ضمن تخبطات بورتسودان أنها نقضت غزلها الذي جاء بدفع الله فإعادت الكرة إلى ملعب د. كامل إدريس. ولا ندري ما يقدمه رئيس الملكية الفكرية الأسبق لهذا المنصب في ظل الحرب، ومدى المساحة التي يتحرك فيها وسط التيارات السياسية، والعسكرية المتحالفة مع الجيش في معركته. ولكنا ندري أن حل الأزمة ليس في الحصول على شخص ليأتي بما لم يستطعه الأوائل من رؤساء الوزارة السابقين. فالأزمة تكمن بشكل عام في عقليات السياسة المركزية التي حكمت البلد، وأما بالنسبة لهذه العقلية التي تدير الحرب الآن فالخطب أفدح.

لن نخوض هنا في ما ضبط من تزوير لكامل إدريس في عمره، ولا في ما يقوله خصومه بأن قدميه حُفيت من الجري خلف البشير، وقوى الحرية والتغيير، والبرهان، حتى يُعين في هذا المنصب الرفيع. 

ولكن الأهم هو الخوض في ما قد يستطيع أن يحمله الرجل من تصور لمساعدة بورتسودان، أو السودان عموم. فنحن ندرك أن كاملاً لديه تجربة دولية من خلال منصبه في الملكية الفكرية، ويعرف نظرياً، وتطبيقياً، تماماً أسباب، ومتطلبات، الحكم الرشيد، والتي من بينها الأمن، والاستقرار، والسلام. 

ولذلك إذا افترضنا أنه جاء ليخدم بلده فإن الحرب الأهلية لن تجعله قادراً على تنفيذ مشروعه إذا افترضنا أيضا أنه سيجد كامل الصلاحيات للتنفيذ. ذلك برغم أن البرهان، وحلفاءه، يريدونه لا محالة أن يسير في مجرى الدعايات الكبرى بأنها حرب كرامة، ولا بد من “الاستمرار الأبدي” في سحق الدعم السريع، والانتهاء من موروث ديسمبر، وتشويه صورة صناعها، ووصفهم بالعمالة، والخيانة، وغيرها من الأدبيات العقيمة التي رسّخها داعمو الحرب.

كل هذه هذه التحديات ستجابه رئيس الوزراء الجديد ليثبت للمشهد الساسي إما أنه سيكون له منظوره الجديد لمعالجتها، أو أنه مجرد رديف في حجوة الحرب، وبالتالي لن يختلف عن سابقه المكلف، والذي كان وجوده هو لتسيير الوزارات وفقا لما يرغب البرهان.

السؤال الكبير هو إلى إلى مدى يستجيب تحالف استمرارية الحرب إلى مواقف، وتصريحات، الدكتور التي تتعلق بمستجدات الحرب، ورؤيته الخاصة حولها لو أنه حاول التفكير خارج صندوق تحالف بورتسودان.

اعتقد أن التناقضات السياسية، والأيديولوجية، والمناطقية، والعسكرية، التي يضمها هذا التحالف ستصعب مهمة د. كامل في حال تأكيد استقلالية مواقفه، وقراراته، السياسية من أجل خلق اختراق في جدار الأزمة السودانية. 

الاصطدام الأول المرتقب في ظني سيكون بين كامل والحركة الإسلامية إذا حاول أن يغرد على هواه، وهي تحفظ له تصريحاته القوية ضد كتائب النظام السابق حينما لحق بقطار الثورة، ونشد دوراً مرموقاً في الانتقال. وسيلي رئيس الوزراء الاصطدام مع الموقعين على اتفاق جوبا إذا حاول قضم كيكتهم الوزارية، وتلاعب بمستحقاتهم المادية.

د. كامل بخلفيته القانونية يعرف تماما. أن شرعية البرهان، وحكومة بورتسودان، أملاها الواقع الذي انفرض بعد الانقلاب على الثورة التي أيدها كامل إدريس، وحطت طائرته في مطار الخرطوم بعد أسبوع من نجاحها حتى يجتمع مع البرهان ليُحظى عنده.

وعلى هذا الأساس ينبغي على الدكتور تقدير شح فرصه الخارجية في أن يجد الدعم الاقتصادي الدولي، والعون السياسي القاري. وعليه ستكون موارد البلاد الشحيحة هي عونه الوحيد في حل حاجيات المواطنين العاجلة من غذاء وصحة، على أقل تقدير.

ومع كل هذه التحديات العظيمة لتكنوقراطي دولي لم يمارس السياسة، وليست لديه وثائق تثبت انشغاله بمقاومة الديكتاتورية من أجل الشعب السوداني، دعونا ننتظر الرجل ليوافينا ببرنامجه السياسي النظري سواء تضمن كامل الأوصاف، والصلاحيات، أم أنه يعزز فقط حقيقة أنه جاء للوزارة كتمومة جرتق. أما الأمر الآخر، وليس الأخير، فالمطلوب منا انتظار تعاطيه التطبيقي مع قادة تحالف بورتسودان الذين أكثرهم يريدون الموظف الجديد أن يحافظ على الامتيازات، والا فالتماريس منصوبة، والابتزاز حاضر، والتهديد بالإقالة قائم.

Exit mobile version