صديقي الجميل المدرب التونسي نصرالدين نابي مدرب موهوب والموهبة فطرة ربانية ثم صقل موهبته بالدراسة والتعلم واحتراف التدريب في بلجيكا منذ سنوات طويلة.
التقيت بالمدرب التونسي نصرالدين نابي لأول مرة عام 2012 وكنت وقتها مرافقا ليعثة المريخ السوداني لمواجهة فريق ليوبارد الكونغولي في ذهاب نصف نهائي كأس الاتحاد الإفريقي وذلك في مدينة دوليسيه البعيدة عن العاصمة برازافيل وهي أشبه بالقرية..
قبل سفري وفي إطار بحثنا وزميلي الصحفي الشاطر بابكر عثمان عن معلومات الفريق الكونغولي لفت نظرنا وجود مدرب تونسي يعمل بصفة مستشار فني للفريق الذي برز بصورة ملفتة وهذا كان أمرا محفزا لي للتعامل معه..
تواصل معه بابكر عبر الماسنجر وأبلغه بحضوري ورغبتي في إجراء لقاء معه لقناتنا رحب ترحيبا شديدا بل قال لبابكر هذه فرصة كبيرة لي لأبرز إعلاميا وأقدم نفسي بعيدا عن التنافس الشريف في الملعب.
عندما وصلت مطار دوليسيه حدثني موفد المريخ وقتها الأخ الحبيب صديق علي صالح الذي كان متواجدا قبلنا بأن هناك مدرب تونسي يعمل في نادي ليوبارد يسأل عني بشدة .. وعند وصولنا الفندق المتواضع والوحيد هناك قابلت النابي في الإستقبال ورحب بي بحرارة وعلى الفور قال لي عبارات لن أنساها: (أخي سامر أنا أعرفك طبعا من الشاشة وهذه فرصة كبيرة لي لتقدمني للناس على الأقل لأخرج من هذا المكان وأجد فرصة تدريب نادي عربي أو أفريقي كبير وأنا أعرف قيمة الأستديوهات)..
من يومها أصبحنا أصدقاء وهو كان مقيما معنا في الفندق نجلس كثيرا مع بعضنا وحكى لي طموحاته وتجاربه في بلجيكا ومع نادي موتيمبا وعن علاقته مع رئيس نادي ليوبارد وأن طموحهم اللقب هذا الموسم وقال لي بصريح العبارة إذا كسبناكم هنا بأي نتيجة سنتأهل في الخرطوم ..
قبل المباراة وبعدها كان هو محدثي الرسمي من فريق ليوبارد وكان مرتبا ومقنعا ولبقا في حديثه وتمت الإشادة به في الأستديو يومها وكان محور الحديث وجود مدرب عربي غير معروف يحقق هذه النجاحات مع فريق صغير ليس له إسم في أفريقيا.
عقب المباراة التي إنتهت بفوز فريقه بهدفين لهدف وسفرنا في اليوم التالي مباشرة ودعنا بروح طيبة على الوعد بأن نلتقي في الخرطوم وطلب مني أن أكون مرافقا له في جولات مسائية للتعرف على البلد.. وقد كان عند حضوره..
كنا نلتقي يوميا في الأمسيات عقب التدريبات ونتجول في الخرطوم ونختم يومنا في مطعم الكرنك الشهير في الرياض فهو مثلي يدخن الشيشة.
صدق حديثه وتأهل ليوبارد بالتعادل السلبي في مباراة شهيرة وتحسر الجميع على فرصة سعيد السعودي يومها وكذلك على خطأ الحارس عصام الحضري في مباراة الذهاب.
قبل سفره أكد لي بأن فريقه سيحمل الكأس وأن العقبة الوحيدة كانت هي المريخ وأضاف بكل ثقة: سأحضر يوما ما إلى هنا لتدريب المريخ أو الهلال وأذكر أنني جمعته في مكالمة هاتفية مع رئيس النادي وقتها الأخ الحبيب جمال الوالي عقب المباراة وطلب منه صراحة منحه فرصة تدريب المريخ في المستقبل فهو كان يتمنى العمل مع الوالي ومعجب به.
مرت الأيام وذهب النابي إلى تدريب هلال بنغازي عام 2013 ثم لمع إسمه وجاء لتدريب الهلال السوداني عام 2014 وقدم عملا كبيرا ولكنه غادر فجأة وطيلة فترته كنت لصيقا به ومعجبا بطريقته وأسلوبه وفكره التدريبي وتحليله المنطقي للمباريات وساهم وجوده في السودان في حضوره الدائم عبر قناتنا في حوارات وتصريحات.
بعدها انطلق نصرالدين نابي بكل ثقة وطموح في عالم التدريب وتعاقد مع أندية كبيرة مثل الإسماعيلي والمريخ والشباب التنزاني الذي شهد ربيعه التدريبي ليقدم نفسه واحدا من أفضل مدربي القارة ويتحول بعدها لتدريب الجيش الملكي المغربي ثم حاليا كايزر شيف الجنوب أفريقي محققا معه نجاحات غير مسبوقة محليا ليعلن عن فريق قادم بقوة في البطولة الأفريقية الموسم المقبل..
على الصعيد الإنساني نابي رجل محترم ويتمتع بعلاقات واسعة في كل بلد عمل فيه وفوق ذلك بار جدا بوالديه ويحب عمله بشكل مبالغ فيه ويعرف كيف يتعامل مع لاعبيه بشكل لطيف وحاسم في آن واحد.
طيلة هذه السنوات ظل التواصل بيننا مستمرا والنقاشات الكروية والاجتماعية ودائما يبدو حزينا على السودان وماحدث لأهله فهو يعشق بلدنا جدا ولديه صداقات كبيرة مع أنصار الفريقين الكبيرين وعلى الشخصي يحفظ لي الود والجميل.
أنا سعيد بنجاحات صديقي نصرالدين نابي وفخور بالإنجازات التي حققها وأتمنى له المزيد من التألق والحضور فهو يستحق ذلك وأكثر وأتمنى أن يعود يوما إلى التدريب في السودان وبلدنا أكثر إستقرارا وتطورا سياسيا واقتصاديا ورياضيا وإداريا لأنه قادر على تحقيق إنجازات مرجوة لو وجد البيئة المناسبة وهذه أكدتها التجارب الكبيرة.