في زمن الأزمات، هل نغفل عن النعم؟

رؤى تاج السر 

لما نقول: الحمد لله… يتغير كل شيء.

في كثير من الأحيان، لا تتغير الأقدار فقط لأن الحياة قاسية، بل لأننا غالبًا ما نركّز على النواقص بدلاً من النعم.

نُكثر الشكوى، نُعدّد المشاكل، نردّد: “السودان ما فيهو حاجة”، و”بلد ما بتنصلح”، لكن هل جرّبنا تغيير نظرتنا؟

هل جرّبنا أن نبدأ صباحنا بعبارة: “الحمد لله على السودان” بدلاً من التركيز على أزماته؟

هل جرّبنا أن نُعدِّد النعم التي لا تُعدّ ولا تُحصى في هذا الوطن، حتى في أحلك الأوقات؟

السودان أكثر من مجرد أرض؛ هو ذاكرة، ولهجة، ورائحة تراب بعد المطر.

السودان هو تلك اللحظات الصغيرة التي نعيشها كل يوم؛ من ضحكة الأهل إلى الجلسات العائلية التي تمتلئ بالدفء والمودة،

من الشاي المقنَّن في المساء إلى نسمات الصيف التي تحمل ذكرياتنا.

السودان هو تلك التفاصيل الصغيرة التي لا تُقدَّر بثمن، لكننا غالبًا ما نغفل عنها في زحمة الحياة.

إذا نظرنا بعين الامتنان، سنرى أن النعمة تكمن في كثير من الأشياء التي نعتبرها “مألوفة”.

نعمة وجودنا معًا في هذا المكان، نعمة الأهل الذين يحبوننا رغم كل شيء،

نعمة المجتمعات الصغيرة التي تتمسك بقيمها رغم التحديات.

كل هذه نعم عظيمة تستحق الشكر، ومع ذلك، غالبًا ما نغفل عنها لأنها تبدو بسيطة في أعيننا، لكنها في الحقيقة أعظم النعم.

عندما نبدأ بتغيير نظرتنا، ونتوقف لحظة لنتأمل في النعم التي لدينا، فإننا نفتح أبوابًا جديدة للخير.

الامتنان ليس فقط إظهار الشكر، بل هو أداة قوية لتحسين واقعنا.

كلما زادت مشاعر الامتنان لدينا، بدأنا نرى النعم التي كانت مخفية عنا،

والأهم من ذلك، أننا نفتح المجال للتغيير.

قد لا نغيّر الواقع بين عشية وضحاها، لكننا نغيّر طريقتنا في التعامل معه.

عندما نمتنّ لما لدينا من نعم، نبدأ في تحويل التحديات إلى فرص، ونبني من الصعاب أساسًا للنجاح.

وهذا لا يعني أن الحياة خالية من المشاكل أو الألم، بل يعني أننا نرى في كل تحدٍّ فرصة للنمو والتغيير.

دعونا نتوقف لحظة ونسأل أنفسنا:

ما هي النعم التي نمتلكها الآن؟

هل نحن مدركون لها؟

كيف يمكننا أن نغيّر حياتنا بمجرد تغيير نظرتنا للأشياء من حولنا؟

الحمد لله على السودان، على طيبته، على تحدياته، على ماضيه وحاضره.

لكن الأهم من ذلك أن نتبنّى هذا الامتنان في كل لحظة، لأن الامتنان هو البداية الحقيقية لأي تغيير إيجابي.

لقد قال الله تعالى: “لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”، وهذه دعوة لنا لنعرف أن كلما امتلأنا بالشكر، زادت النعم وتغيّرت الأقدار.

إذا بدأنا يومنا بالتفكير في النعم التي نملكها، سنلاحظ أن حياتنا تبدأ بالتغيّر.

وكلما زادت مشاعر الامتنان، زادت البركة في حياتنا.

فلنمتنّ للسودان، ولنمتنّ لكل شيء جميل نملكه،

ولنجعل الامتنان جزءًا من حياتنا اليومية، فكل شيء يبدأ من هنا.

Exit mobile version