لحظة الوداع

يسلم سيدي (*)

نودع أمةً نكنُّ لها في الصدر أعظمَ الاحترام، ونخصُّها بأصدقِ التقدير. سنشتاقُ لـ”سيد البلد” الذي أتى ليُعلِّمنا كيف تكونُ روحُ الإصرار غايةً لا وسيلةً، وكيف تُولدُ العِزَّةُ من رحمِ الصعاب، وتَشرُفُ الأمجادُ رغمَ الظروفِ القاسية. لقد ترك الهلالُ أم درمان أثراً لا يُمحى، مُثبِتاً أنه سيِّدٌ لا يُشقُّ له غبار، وسفيرٌ فوق العادة، حملَ ألوانَه في دوري الأبطال ببسالةٍ توقَّفت عند عتبةِ “المارد الأحمر” الأهلي المصري، في اللحظات الأخيرة من رحلةٍ كانت عصيَّةً رغم كلِّ التحديات. لقد تجاوز الهلالُ عقباتٍ كأداء، لكنَّ طريقَ نصف النهائي لم يُبسَطْ كالسجادةِ الحمراء لأبطالٍ قادمين من بلادٍ تُكافحُ في سباقٍ لا يُعرفُ فيه إلا طريقٌ واحدٌ… طريقُ الإرادةِ السبعية!  

أما الزعيمُ “المريخ”، الطرفُ الآخرُ في قمَّةِ الكرة السودانية، فقد جاءَ حاملاً إرثاً عريقاً، ومدرسةً تَعلَّم فيها الكلُّ أدبياتِ الاجتهادِ وحُسنِ السلوك. رغمَ مشاركته في ظروفٍ استثنائيةٍ من تشرذمِ الكيان، حاولَ الفريقُ الأحمرُ أن يستعيدَ شيئاً من عافيته، لكنَّ الزمنَ لم يكن حليفاً له. ومع ذلك، فقد كان شرفاً لنا أن نستضيفه، وأخذنا من تجربته أكثرَ مما قدَّمنا. لقد كانت منازلتُه في حدِّ ذاتها مكسباً لأنديتنا، حيث قدَّم لنا عملاقا السودان (الهلال والمريخ) دَرساً في العطاءِ والثراءِ الرياضي.  

وها قد انطوى موسمُ كرة القدم الاستثنائي، الدوري الموريتاني الممتاز بنسخته المشتركة مع عملاقي السودان، ليُسدلَ الستارَ بصدارةِ الهلال، ومشاركةٍ مشرِّفةٍ للمريخ.  

نقولُ من الأعماق: شكراً للسودان، وشكراً لعشاقِ الفريقين العظيمين الذين منحونا شغفاً لا ينضب، ومتابعةً صادقة، وسلوكاً رفيعاً يُجسِّدُ روعةَ الروح الرياضية. لقد أثبتوا أن الرياضةَ رسالةُ محبةٍ تجمعُ الشعوبَ فوق كلِّ الحدود.  

فهنيئاً لموريتانيا بهذه التجربة الثرية، وهنيئاً للسودان بهذين العملاقين (الهلال والمريخ) الذين يُزيِّنان سماءَ الكرة الأفريقية.  

إلى لقاءٍ قريبٍ… نلتقي على المودة!

 

 

صحفي موريتاني (*)

Exit mobile version