قذائف الحرب تعطل المصانع وتدمر قطاعي الاقتصاد والصحة في السودان 

تقرير - نوح آدم هدو 

ألحقت الحرب أضراراً بالغة بالبنية التحتية للعاصمة السودانية الخرطوم، إذ تعرضت مبانٍ ذات قيمة تاريخية وطراز معماري فريد إلى التدمير والتخريب، فضلاً عن تحول معالم مهمة ومنشآت حيوية إلى هياكل محروقة نتيجة تصاعد وتيرة المعارك، إضافة إلى استخدام طرفي القتال للمدفعية الثقيلة والغارات الجوية. 

وصدم ملايين السودانيون من حجم الدمار الكارثي الذي حل بمعالم الخرطوم البارزة التي تعكس تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام، إضافة إلى محطات خدمات الكهرباء والمياه والمؤسسات الخدمية والثقافية، وكذلك الجامعات والمدارس والبنوك والمستشفيات والطرق والمباني السكنية والقطاع الصناعي والاقتصادي. 

فكيف ينظر المتخصصون في مجال المعمار والاقتصاد إلى واقع ومستقبل الخرطوم وإمكان إعادة إعمار الخرطوم في مرحلة ما بعد الحرب ونهوضها من جديد؟ وهل ما حدث للعاصمة القومية هو بداية التجديد والعودة بثوب الحداثة أما نهاية النهاية؟ وما هي المقترحات والخطط التي تعيد بناء العاصمة السودانية لتكون افضل مما كانت، وماهي التكلفة الاقتصادية الممكنة؟. 

 

خسائر فادحة للاقتصاد 

بلغ حجم الدمار الذي لحق بالقطاع الاقتصادي بحسب تقارير رسمية ما بين 108,8 إلى 200 مليار دولار، فيما قدرها المحللون الاقتصاديرن بتريليون دولار.

في حين هناك خسائر تشمل أيضاً ما فقده الاقتصاد السوداني من إيرادات وتعطل حركة الصادر وغيرها.

في السياق يقول الخبير الاقتصادي ضياء حامد لمنصة (مشاوير) إن “الحرب أسهمت في فقدان الممتلكات التي نهبت أو دمرت، وفقدان عدد كبير من المواطنين لمصادر رزقهم، سواء في الأعمال الخاصة أو الحكومية، مع ارتفاع معدلات التضخم وتدهور العملة المحلية بنسبة فاقت 100 في المئة. 

وأضاف : هناك كلفة الحرب المباشرة، وخروج عدد كبير من مناطق السودان المنتجة، بخاصة في دارفور وكردفان، عن الدورة الاقتصادية، حيث كانت تشكل إضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب تعطل حركة وصول الثروة الحيوانية للأسواق، وأيضاً توقف حركة الصادرات.

وتابع : يضاف إلى تلك الخسائر خسائر الاستثمار الأجنبي الذي كان موجوداً في السودان، وهي خسائر كبيرة ومن الصعب عودة هذه الاستثمارات مجدداً بعد توقف الحرب. 

 

تدمير قطاع الصناعة 

إلى ذلك، بلغت خسائر القطاع الصناعي والتي تمثل ولاية الخرطوم حجر الزاوية فيه 50 مليار دولار، إلى جانب تعرض القطاع لخسائر تمثلت في تدمير الحرب حوالي 550 مصنعا في بحري وأم درمان وشردت أكثر من 250 ألف عاملاً كما أوضحت الجهات الرسمية. 

وفي هذا السياق يقول المتخصص في الشأن الاقتصادي مالك بشير لمنصة (مشاوير) إن “الحرب كبدت قطاع الإنتاج الصناعي في السودان ورجال الأعمال والمستثمرين الأجانب والعمال خسائر فادحة نتيجة حرق وتدمير المصانع بشكل كامل وجزئي، فضلاً عن عمليات سلب ونهب للمعدات وقطع الغيار وغيرها من المواد الخام وأدوات التشغيل المختلفة، حيث يبلغ عدد المنشآت أكثر من خمسة آلاف تتوزع على 46 قطاعاً، أبرزها الصناعات الغذائية والبلاستيكية والجلدية والكيماوية والملابس والأدوية.

وأضاف : يوجد أكثر من 80 في المئة من إجمالي مصانع البلاد بالعاصمة الخرطوم، وأسهم التخريب في تعطل الإنتاج وتدمير مصانع عملاقة استغرق تأسيسها أعواماً عدة، وصرفت عليها أموال ضخمة، وفقدت مئات الأسر نحو 100 ألف وظيفة من بينها فئات عمالية، علاوة على نزوح ولجوء آخرين إلى الولايات ودول الجوار مثل مصر وإثيوبيا وتشاد طلباً للأمان.

وتابع : تعرض (300) مصنع ومؤسسة إنتاجية للدمار الكلى والجزئي ونهبت المعدات والمخارن، مما أحدث خسائر كبيرة في أوساط رجال الأعمال، وتوقفت 80 في المئة من الأعمال اليومية بالخرطوم، مما أثر في حياة أكثر من ستة ملايين من سكان مدن العاصمة الثلاث بحري وأم درمان والخرطوم.

 

انهيار القطاع الصحي 

في غضون ذلك، تعرض القطاع الصحي إلى التدمير والتخريب بالمؤسسات الصحية، وكذلك عمليات السلب والنهب للمعدات الطبية وسيارات الإسعاف، ومستودعات الأدوية والإمداد الدوائي، وقد قدرت الخسائر بـ(11) مليار دولار بجانب تدمير مصانع الأدوية في البلاد بنسبة تصل إلي 75 في المئة. 

وفي هذا الصدد، قال وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم إن “هناك بعض الأرقام الكبيرة التي وصلت من الولايات بالأضرار التي لحقت بالمستشفيات والمؤسسات الصحية من نهب للسيارات الإدارية وعربات الإسعاف وتدمير مخازن الأدوية وسلاسل التبريد وغيرها من الأضرار المادية المباشرة التي طاولت حتى الأثاث والأجهزة الطبية، وقدرت في مجملها بنحو (11) مليار دولار في كل السودان، وتتابع اللجنة رصد وحصر التفاصيل لكنها لم تصدر تقريرها النهائي بعد، كما أن مواقع عدة تقع في مناطق لا يزال يدور فيها القتال ويصعب الوصول إليها للحصول على البيانات التفصيلية. 

وأضاف : من أصل (540) مستشفى هي جملة المستشفيات التي تديرها وزارة الصحة، خرج (120) منها عن الخدمة، غير أن من بينها المستشفيات المرجعية الأساس، وهي مستشفيات الذرة والأورام والمخ والأعصاب وجراحة القلب وغيرها.

 

تحديات إعمار الخرطوم 

وفي شأن إعادة إعمار العاصمة الخرطوم من جديد، أشار المهندس وخبير الهندسة المعمارية حمدون عبد الباسط إلى أن “حجم الدمار الذي وقع علي العاصمة القومية كبيرة للغاية ويفوق حد التصور خصوصاً المؤسسا الحكومية والمباني الأثرية والثقافية والمؤسسات الصناعية، والأخطر البنية التحتية للكهرباء والمياه. 

وأضاف : ملف إعادة إعمار الخرطوم يحب أن يكون موضوع متكامل من النواحي العملية والعلمية والتطبيقية بخاصة فيما يخص شبكات المياه والصرف الصحي وتوزيع الكهرباء والتخطيط العمراني. 

وتابع : يجب أن نبدأ من حيث انتهاء الآخرون، ونعالج كل العيوب والسلبيات القديمة التي صاحبة عملية التخطيط، وكذلك نستخدم نظام علمي في عملية إعادة ترسيم الخرط والمساحات وذلك عبر مشاركة كل المؤسسات والشركات التي لها دور وأعمال مرتبطة بعملية إعادة الإعمار والتخطيط، علي سبيل المثال شركات الاتصالات والمساحة و مؤسسات الصرف الصحي وشركات الكهرباء ومؤسسة الجيولوجيا، ووزارة الصحة ووزارة البيئة وغيرهم حتي تصبح الرؤية متكاملة ومتفق عليه بين الجميع. 

وأردف : يجب أن تكون عملية الاختيار للشركات والمؤسسات المنفذة لعملية الإعمار وإعادة الترسيم مبنية علي معايير الجودة الشاملة ومتطلبات عملية الإعمار من دون أية عملية محابة أو وساطة حتي تستطيع أن تضع شروط جزئية قوية وابعاد عملية التلاعب.

Exit mobile version