“اخلوا طهران فورًا”: ترامب ونتنياهو يدفعان الصراع مع إيران -الليلة- إلى نقطة اللاعودة

تقرير - إدريس آيات

في مؤشر على أن الصراع بين إيران وخصومها بات يقترب من لحظة الانفجار المفتوح، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتصريحات فجّة، بدت وكأنها إنذار نهائي لطهران:

“على الجميع إخلاء العاصمة الإيرانية فورًا.”

رافق هذا التحذير تأكيد متكرر من ترمب بأن إيران “ارتكبت حماقة كبرى” بعدم توقيع الاتفاق النووي الذي سعت إليه واشنطن، مضيفًا بعبارة حاسمة:

“إيران ببساطة لا يمكنها امتلاك سلاح نووي. وإذا لم توقّع، سيحدث شيء ما.”

لم تأتِ التهديدات من فراغ، فقد كشفت شبكة فوكس نيوز أن البنتاغون أعاد نشر أصوله العسكرية من بحر الصين الجنوبي، حيث تم سحب مجموعة حاملة الطائرات الهجومية USS Nimitz باتجاه الشرق الأوسط، في تحرك يُعدّ مؤشراً واضحاً على استعداد الولايات المتحدة لإعادة تموضعها عسكريًا تمهيدًا لاحتمالات مفتوحة، وربما الانضمام إلى إسرائيل رسميًا لضرب طهران.

إضافيًا؛ رغم أن إسرائيل تسيطر حاليًا على المجال الجوي الإيراني، مستفيدة من عنصر المباغتة في الساعات الأولى للهجوم، إلا أن التقديرات تشير إلى أن طهران ستستعيد زمام الأجواء خلال 48 ساعة القادمة.

وفي المقابل، تعترف إسرائيل -نفسها- بأنها غير قادرة على تدمير إيران بمفردها، لكنّها تعمل على انكسارها، مؤكدة أن “الضربة القاضية” تتطلب تدخلاً أميركيًا مباشرًا. ما تحقق حتى الآن هو إضعاف مؤقت، وليس حسمًا عسكريًا نهائيًا

وفي السياق ذاته، فاجأ نتنياهو الجميع بتصريح اعتبره مراقبون تفويضًا ضمنيًا بعملية اغتيال استراتيجية، حيث قال إن “قتل المرشد الأعلى علي خامنئي لن يزيد من حدة الصراع، بل سينهيه”. هذا التصريح يُعيد للأذهان عقيدة الإزاحة الرأسية، أي استهداف القيادة السياسية والدينية لإحداث انهيار بنيوي في الخصم، وهو ما يُمثّل تصعيدًا بالغ الخطورة خارج كل قواعد الاشتباك التقليدي.

الردود الاقتصادية لم تتأخر. الأسواق التقطت الرسالة سريعًا، فارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي مباشرة بعد تصريحات ترمب، وسط مخاوف من اندلاع مواجهة واسعة النطاق تهدد أمن إمدادات الطاقة العالمية.

كل هذه المؤشرات – من التهديد العلني بإخلاء طهران، إلى التحركات العسكرية البحرية، إلى تلميحات بالاغتيال على أعلى مستوى – لا يمكن قراءتها إلا باعتبارها تفعيلًا غير رسمي لعقيدة “الردع بالعقاب”، لا الردع بالمنع.

واشنطن وتل أبيب، وبشكل متوازٍ، تدفعان الصراع مع طهران إلى حافة الانفجار الشامل. ليس فقط في الميدان، بل على مستوى شرعية النظام الإيراني، وهيبته، وحقه في البقاء كفاعل مستقل في النظام الدولي.

إذن، لم تعد المرحلة المقبلة تحتمل التوازنات الهشة.

إما اتفاق تُوقّعه إيران بشروط قسرية، أو مواجهة قد تُعاد فيها كتابة خرائط القوة في الشرق الأوسط… وربما ما هو أبعد من ذلك. 

في هذه الأثناء لا يُمكن لإيران أن تصمد طويلاً دون إمدادٍ عسكري من حلفائها، أو تدخل مباشر مناكفةً للولايات المتحدة الأميركية، حتى ولو كانت طهران متفوقة من حيث الصواريخ البالستية على إسرائيل، مثلما تتفوق تل أبيب على إيران من حيث السلاح الجوي.

Exit mobile version