المدنيون السودانيون يتحملون أعباء العقوبات المفروضة على بلادهم

مشاوير - وكالات 

دخلت عقوبات أميركية على حكومة السودان حيز التنفيذ بعدما فُرضت إثر تأكيد واشنطن استخدام الجيش السوداني أسلحة كيماوية العام الماضي في الحرب الأهلية الدامية التي تشهدها البلاد.

وأعلنت الحكومة الأميركية في إشعار نُشر (الجمعة) في السجل الفيدرالي أن العقوبات التي تشمل قيوداً على الصادرات الأميركية ومبيعات الأسلحة والتمويل لحكومة الخرطوم، ستظل سارية لعام في الأقل. 

وأضافت أن المساعدات المقدمة للسودان ستتوقف “باستثناء المساعدات الإنسانية العاجلة والمواد الغذائية وغيرها من السلع الزراعية والمنتجات”.

ومع ذلك، صدرت إعفاءات جزئية عن بعض الإجراءات لأن ذلك “ضروري لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة”.

 

دعوة إلى التوقف 

وقالت وزارة الخارجية الأميركية مايو الماضي عند إعلانها العقوبات، إن “الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى التوقف عن استخدام كل الأسلحة الكيماوية والوفاء بالتزاماتها” بموجب اتفاقية الأسلحة الكيماوية، وهي معاهدة دولية وقعتها تقريباً كل الدول التي تحظر استخدامها.

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في يناير الماضي أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيماوية مرتين في الأقل في مناطق نائية خلال حربه مع قوات “الدعم السريع”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين لم تكشف هوياتهم أن السلاح المستخدم يبدو أنه غاز الكلور الذي يمكن أن يسبب ألماً شديداً في الجهاز التنفسي وصولاً إلى الموت.

 

نفى الاتهامات 

وسارعت الحكومة السودانية الموالية للجيش إلى نفي صحة الاتهامات الأميركية ووصفتها بأنها “لا أساس لها” وبأنها “ابتزاز سياسي”.

ومن الناحية العملية، سيكون تأثير هذه العقوبات محدوداً، إذ يخضع كل من قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان وخصمه ونائبه السابق، قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو لعقوبات أميركية.

ولم تكشف واشنطن أي تفاصيل على صلة بمواقع تعرضت لهجمات بأسلحة كيماوية أو تواريخ هذه الهجمات.

 

اتهامات سابقة

يُذكر أن البلاد تحت سيطرة الجيش على نحو كبير منذ استقلالها عام 1956، علماً بأن المؤسسة العسكرية سبق أن اتُهمت بشن هجمات بواسطة أسلحة كيماوية.

في عام 2016 ندّدت “منظمة العفو الدولية” باستخدام الجيش الذي كان حينها حليفاً لقوات “الدعم السريع”، أسلحة كيماوية في دارفور (غرب)، وهو ما نفته الخرطوم.

في عام 1998 قالت الولايات المتحدة إن مصنع الشفاء للأدوية ينتج مكونات كيماوية لحساب تنظيم القاعدة، قبل أن تقصف المنشأة.

ولم تقدّم واشنطن أدلة تدعم اتهاماتها التي لم يجر أي تحقيق فيها.

 

توتر العلاقات 

والعلاقات متوترة منذ عقود بين الولايات المتحدة والسودان الذي حكمه عمر البشير إلى أن أطيح به عام 2019، الذي لطالما اتُهم برعاية الإرهاب.

وفُرضت العقوبات الأميركية في أوائل العقد الأخير من القرن السابق وقد تم تشديدها عام 2006 بعد اتهامات لميليشيات الجنجويد بارتكاب إبادة جماعية في إقليم دارفور.

تلك الميليشيات التي كانت حينها تأتمر بالخرطوم، تحوّلت لاحقاً مع قوات أخرى إلى قوات “الدعم السريع”.

 

مسار مختلف

بعد الإطاحة بالبشير بانتفاضة شعبية عام 2019، شطبت الولايات المتحدة السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب، وباشرت مسار رفع العقوبات.

إلا أن بعض العقوبات أعيد فرضها بعد انقلاب عام 2021 الذي قاده البرهان ودقلو قبل اندلاع النزاع بينهما في أبريل 2023.

وبحلول يناير الماضي كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على كل من البرهان ودقلو.

وباءت بالفشل جهود وساطة لإرساء وقف لإطلاق النار بذلتها جهات عدة بما في ذلك إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.

 

أعباء وجمع ثروات

كثيراً ما تحمّل المدنيون السودانيون أعباء العقوبات المفروضة على بلادهم، بينما جمع معسكرا البرهان ودقلو ثروة كبيرة على رغم العقوبات من خلال شبكات مالية عابرة للحدود، بينما البلاد محرومة من التنمية.

اليوم، يشهد ثالث أكبر بلد في أفريقيا من حيث المساحة أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم، مع أكثر من 10 ملايين نازح ومجاعة معلنة في أنحاء عدة من البلاد.

وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح للسودان عام 2024 إذ أسهمت بـ44.4 في المئة ضمن خطة استجابة إنسانية أممية بملياري دولار.

وبعد تعليق الرئيس الأميركي دونالد ترمب غالبية المساعدات الخارجية، قلّصت الولايات المتحدة إسهامها بنحو 80 في المئة.

في عام 2024 قُدّرت قيمة الصادرات الأميركية إلى السودان بـ56.6 مليون دولار، وفق بيانات المكتب الفيدرالي للإحصاءات.

Exit mobile version