إلى جماهير حزب الأمة القومي
الأحباب والأميرات الأوفياء:
يا من آمنتم بأن العقيدة والفكرة لا تُشترى ولا تُباع، وأن الوطن ليس سلعة في سوق المصالح والمناصب وأن الثبات علي المبادئ تظهر معادن الناس .
ونحن في وقت هبت فيه الأعاصير ، فأغريت فيه النفوس الضعيفة بالمال والمناصب ، لكن يظل يقيننا راسخًا أن حزبنا سوف لن ينكسر أمام اختبارات الزمان ولا تبدل قيمه عظمة الأثمان .
لقد مرّ حزب الأمة القومي بمحطات أخطر واصعب مما هو عليه الآن، وكان بعضها موجعًا حين ذاك رأينا من تخلّى عن المبادئ التي ظلّت تقودنا عبر الأجيال، وهرولت نحو موائد السلطة والامتيازات ، مجموعات كانت تمثل رمزية للحزب ولكن ذهبت وظل الكيان واقفا، ولم تضعف جذوة النضال ولا عزيمة الشباب الأوفياء ، لأن ما يجمعنا ليس الأشخاص، بل العقيدة والفكرة التي نبتت من تراب هذا الوطن ، وروت دماءهم الطاهرة الأرض بالتضحيات.
إن المهدية التي جسدت تطلعات الشعب السوداني، لم تستجب لإغراءات المستعمر، ولا لدعوات المتحولقين حول السلطان ليأكلوا من فتاته ، بل كانت مشروعًا للتحرير لا التكسّب، ورؤيةً أخلاقية قامت علي المبادئ قبل أن تكون فكرة دينية سياسية تحررية، وكذا كان الخليفة عبد الله، حين حاصرته جيوش الغزو من كل مكان، فقال لمن أشار عليه بالارتهان إلى مستعمر جديد قال: “الأمر دين يا مسكين، فلتذهب الدولة ولتبق الدعوة” ومن رحم تلك الروح، خرج هذا الحزب، حاملًا راية الاستقلال والإنعتاق ، لا التبعية والانحناء.
وأنا هنا ومن موقع التجربة والمعايشة الصادقة، أناشد رفاقي من شباب وطلاب حزب الأمة القومي، الذين عرفتهم في الجامعات، وعايشتهم في الندوات، وتشرفت بالنضال معهم في ساحات الحراك الثوري، أولئك الذين أشهد لهم بثبات العقيدة، ونُبل الفكرة، وصدق المبادئ أقول لهم: أنتم نار ونور طريق التغيير ، أنتم الامتداد النقي لروح المهدية وضمير الحزب الأخلاقي .
وللاحباب والأميرات من الأجيال التي لحقت بنا، وأخذت الراية بصدق وشجاعة، أقول لهم: فلنتحد جميعًا، ولنتجاوز الخذلان والانقسامات، ولنصطف في خندق واحد خلف راية المبادئ، ولنواجه عواصف الاستبداد والارتزاق بالتماسك والوحدة والوعي.
وفي خضم هذه الحرب القاسية، كان قدر جماهير حزبنا أن يكونوا في خط النار، حيث الكلفة الباهظة، والمأساة الموجعة؛ التي خلفت القتل والتمثيل بالجثث والنزوح وهجر الديار قسراً. بل نُهبت ممتلكاتهم ، وتعرّضوا للتنكيل والاضطهاد ومورست عليهم الكراهية والعنصرية ومع ذلك ظلوا واقفين، أوفياء للمبادئ، مؤمنين بأن الانتصار الحقيقي هو البقاء على العهد.
فلنستمر في ذلك ولنجعل من كل خيبة درسًا، ومن كل انسحاب فرصة لإعادة البناء على أرضية أشد صلابة وإخلاصًا.
فمع بعض والرفاق سنسترد عافية الوطن.
(*) وزير الشؤون الدينية والأوقاف السابق