الدبّة .. اشتباك قبَليّ يهزُّ سوقاً مهدّداً بالركود

الولاية الشمالية - تقرير - عمر الفكي

أعادت الحرب التي لا تزال مُستمرة لأكثر من عامين إلى مدينة الدبة بالولاية الشمالية بعضاً من تاريخها القديم، إذ أنّ المدينة التي ترقد على الضفة الغربية لنهر النيل كانت مركزاً تجارياً تلتقي فيه القوافل القادمة من مصر وليبيا مع تلك القادمة من غرب أفريقيا مروراً بإقليمي كردفان ودارفور.

يقول صالح جبارة وهو معلّم بالمرحلة الثانوية لمنصة (مشاوير)، إن مدينة الدبة قد ازدهرت بالتجارة، لأنها كانت مركزاً على درب الأربعين الشهير، منها تتجه القوافل شمالاً إلى مصر، أو تذهب غرباً إلى دارفور وكردفان وتُوغل في قارة أفريقيا، وبعضها يذهب إلى الخرطوم وبقية أنحاء السودان.

 

تحولات كبيرة 

وأضافت : كانت المراكب النهرية تعبر بها قادمةً من مصر نحو الخرطوم، لكن مع تطوّر وسائل النقل فقدت الدبّة صيتها ومركزيتها التجارية إلى أن اندلعت الحرب التي حوّلت الطُّرق القومية إلى مسارح للعمليات العسكرية، ما دفع وسائل النقل للعودة لاستخدام أقدم الطُّرق البرية. 

ولأنّ الدبة كانت مركزاً تجارياً قديماً، ازدهرت بسرعة غير متوقعة حتى أصبحت من أهم الأسواق التجارية في الفترة ما بين منتصف العام 2023 ونهاية العام 2024.

يقول مصدر بالوحدة الإدارية بالدبة، إنّ عدد المتاجر، خلال تلك الفترة، تجاوز “4” آلاف متجر تُعرض فيها جميع السلع التجارية التي تُستورَد من عدة دول أفريقية وعربية وأوروبية. 

 

نكبة على الأسواق 

ويضيف أنّ السوق ابتلع عدداً من الأحياء السكنية، كما أُنشِئت بها بورصة للمنتجات الزراعية الغابية منها الفول والسمسم والصمغ العربي وحب البطيخ والكركدي.

لكنّ هذا الازدهار خَفت بذات السرعة التي نشأ بها، يقول أحد التجار بسوق الدبّة لمنصة (مشاوير)، إنّ قرار قوات “الدعم السريع” بمنع حركة التجارة بين مناطقها ومناطق سيطرة الجيش، كان نكبةً على السوق الذي لم يُتوقّع تراجعه، وتلت ذلك تهديدات قادة الدعم السريع باجتياح الولاية الشمالية، ما دفع مئات التُّجار إلى نقل أنشطتهم إلى مناطق خارج الدبة.

ويضيف المصدر السابق أنّ تهديدات قادة” الدعم السريع” تصادفت مع استعادة مُدن ومناطق واسعة منها الجزيرة والخرطوم إلى قبضة الجيش، وفكّ الحصار عن ولاية النيل الأبيض، ما زاد من وتيرة هروب رؤوس الأموال من الدبة، التي كانت التوقّعات تشير إلى أنها على وشك السقوط في يد “الدعم السريع”.

 

نزاع قبلي 

لم تتوقّف حركة النزوح من الدبة عند ذلك، إذ نشب بها أخيراً نزاع بين أهم المكوّنات القبَلية بالمنطقة. 

ويصف أحد سكان المدينة الواقعة التي قُتل فيها أربعة أشخاص وأصيب أكثر من عشرة آخرين، بأنه أول نزاع قبَلي في تاريخ مدينة الدبة.

ويقول أحد التجّار الذين لا يزالون يعملون بسوق الدبة، إنّ الحركة التجارية تباطأت بشدة في سوق الدبة، ويشرح بقوله: «في العام الماضي كانت الشاحنات تأتي بالسلع والبضائع من مليط ودارفور وكردفان والنيل الأبيض والجزيرة والخرطوم وتعود محمّلةً بأنواع أخرى من البضائع، لكن بعد استعادة الخرطوم والجزيرة إلى قبضة القوات المسلحة، وتراجُع الدعم السريع إلى كردفان، ومَنْع حركة التجارة مع دارفور، أصبح السوق يعمل بالحد الأدنى من النشاط التجاري، وهو ما دفع عشرات التجار إلى مغادرته إلى مناطق أخرى بالسودان». 

ويتوقع المصدر أنه بنهاية العام الجاري لن يبقى في الدبة نشاط تجاري من خارج الولاية الشمالية.

Exit mobile version