تظل القلوب المظلمة المثقلة بآثار الأوزار أوكارا للشرور، والقلوب المنيرة المفعمة بالثمار الصالحة مواطن للخير والحق والجمال.
فالقلب هو بيت الرب، إذ لا يسع الرب في الحقيقة سوي قلب عبده المؤمن، إذ أن القلب هو مناط التعبد كله، فمن ابطأ به قلبه في سباق القرب لن يسرع به بدنه الي رضاء الرب.
ومن بركات صلاح النوايا نشأ القول: أن النية الخالصة المتجردة، ما هي إلا “زاملة” لسيدها تنقله الي حيث ما أراد وانتوي لطالما كان صادق النية.
وللحقيقة فأن أشارة الرب تتلقاها أول ما تتلقاها القلوب، قبل أن تنفعل بها الجوارح، ولذلك فأن الأعمال أصلا بالنيات، و هذه النيات أولا واخيرا هي من عمل القلوب وحدها، وما الأبدان علي هذا الطريق سوي مطايا لهذه القلوب.
ويظل في النهاية لكل امرئ مانوي لا أكثر ولا أقل.
المهم فإنه ليس للمرء من عمله إلا نيته، أن خلصت صلح ما يقوم به من عمل.
أما إن شابته شائبة أو شبهة تخدش سلامة هذه النية، فسد هذا العمل برمته. فالله لا ينظر الي صورنا ولا الي أجسادنا إنما ينظر الي قلوبنا، وقلوبنا فقط. فالايمان علي سلم الترتيب والأولويات هو ما وقر في القلب قبل أن يصدقه من بعد العمل.
وبالطبع فإن قيمة أي عمل تقاس علي نية من قام بالعمل كمعيار.
ولهذا يذهب العارفون إلي أن النية هي خير من العمل نفسه.
إذ أن العمل لايكون صالحا وبالتالي متقبلا لجودته وأتقانه فاعله.
وبطبيعة الحال فإن المرآءة والمدارارة والمداهنة والتزلف كلها أدواء أو أواف تجعل العمل وان جاء صحيحا غير متقبل، ومن هنا فأن للأعمال شروط قبول بمثلما أن لها شروط صحة كذلك.
فان أنتفت شروط القبول وذروة سنامها النية يصبح العمل من ثم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء و ماهو بماء.
فالنية هي صبغة العمل وعلامة اعتماده، وإلا فأن الأعمال وإن بدت صحيحة شكلا تصبح خاوية مفرغة من المضمون والمحتوي، عند حصاد الخائبين المفلسين عند الجزاء.