انخفاض معدلات التطعيم يهدد حياة أطفال السودان 

تقرير - محمد فضل الله 

في كل يوم من أيام الحرب الدائرة في السودان يدفع الأطفال الثمن الأكبر للصراع المستعر، إذ تعرضوا لأحداث تنوعت ما بين القتل والعنف الجنسي والاختطاف، وكذلك الحرمان من التعليم وفقدان الأهل نتيجة الموت أو الإصابات والإخفاء القسري، ويحمل آخرون السلاح ويتم الزج بهم في المعارك المشتعلة على الجبهات المختلفة. 

ومع تمدد رقعة الحرب وانهيار القطاع الصحي، تفشت الأوبئة الفتاكة وباتت تحاصر الصغار و َاليافعين بصورة كبيرة خصوصاً في المدن والمناطق التي تشهد نزاعات نشطة، إذ وجدوا أنفسهم في مواجهة الموت نتيجة نقص الرعاية الصحية والتطعيمات وانعدام الأدوية المنقذة للحياة. 

 

خطر الموت 

إلى ذلك، حذرت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسيف” ومنظمة الصحة العالمية، من تعرض أطفال السودان لخطر الأمراض المميتة بعد انخفاض معدلات التطعيم إلى أدنى مستوياتها منذ “40” عاماً. 

وقالت منظمة الصحة العالمية واليونيسف، في بيان مشترك إن النزاع في السودان أدى إلى تراجع معدلات التطعيم في البلاد حوالي “40” عاماً، مما يعرض الأطفال لخطر جسيم من أمراض مميتة يُمكن الوقاية منها. 

وأوضح البيان أن “880” ألفاً في الأقل، بما يعادل أكثر من نصف الرضع لم يتلقوا الجرعة الأولى من لقاح الخناق والكزاز والسعال الديكي (DTP1) التي كان مقرر تلقيها في العام السابق.

 

تأثيرات بالغة 

في السياق يقول الطبيب المتخصص في أمراض الأوبئة نزار السيد لمنصة (مشاوير) إن “القطاع الصحي في السودان يعاني من أزمة غير مسبوقة، بسبب توقف نحو 80 في المئة من المستشفيات عن العمل، فضلاً عن نقص الأدوية وهجرة الكوادر الطبية بسبب الحرب المندلعة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل 2023. 

وأضاف : تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية للقصف العشوائي المدفعي والجوي، إلى جانب عمليات النهب والسلب بمعدل متسارع خلال الأشهر الأولى لاندلاع النزاع. 

وتابع : تفاقمت الأزمات الصحية في مناطق النزاع المسلح بصورة كبيرة، مما ضاعف من أوضاع المرضى الصحية وأدى إلى حدوث وفيات عدة، لا سيما وسط الأطفال. 

 

مخاطر ومخاوف 

لا توجد إحصائية دقيقة لنسب توزيع الأطفال الرضع المتأثرين، بعدم تناول لقاحات أمراض الطفولة، ولكن تأتي ولايات الجزيرة والخرطوم والنيل الأبيض، وكذلك كردفان ودافور في مقدمة ولايات السودان. 

وفي هذا الصدد، تقول اختصاصي النساء والتوليد عُلا جمال لمنصة (مشاوير) إن “تطعيم الأطفال الرضع مسألة في غاية الأهمية من أجل تكوين مناعة ذاتية لمجابهة الأمراض في المستقبل. 

وأضافت : من الإشترطات المهة التي يجب أن نقوم بها في المستشفيات، تطعيم الرضيع في الجرعة الأولى قبل خروجه من المشفى، دون أي تأخير، وذلك لأنه الوقت المثالي لمنحه الجرعات. 

وعددت المتحدثة خطورة تجاهل تطعيم الرضع بخاصة الجرعة الأولى، وأشارت إلى أنه وحال لم يتحصل عليها الرضيع لأي سببٍ ما، هذا يعني أنه أصبح في وضعية قابلة للإصابة بالأمراض التي يستهدف اللقاح حمايته منها بنسبة عالية، وذلك لأن الطفل في الأساس يُولد بلا أي مناعة، بالتالي تمثل له هذه اللقاحات ترياق من العدوة والإصابة بالأمراض الفتاكة التي لا يقوى جسمه الضعيف على مقاومتها.

 

مصير مجهول 

منال على سليمان، إحدى نساء منطقة أم عدارة بولاية غرب كردفان، لا تزال في رحلة بحث عن لقاح الحصبة لمولودها الذي لا يتجاوز ثلاثة أسابيع. 

تقول منال في حديثها لمنصة (مشاوير): أدركني المخاض قبل أن أتحرك إلى مدينة الأبيض، شمال كردفان، التي تبعد حوالي سبع ساعات عن هذه المنطقة، وسبب التأخير أن هذه المنطقة تسيطر عليها قوات “الدعم السريع”، وهناك صعوبة في مغادرتها، إلى جانب المعارك المندلعة بين طرفي الصراع، في الطريق نحو مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان. 

وتواصل حديثها : وضعت مولودي الأول، وأنا في أول سنين زواجي، عن طريق الولادة الطبيعية، الطريقة السودانية البلدية، أنا بخير، ولكن أكثر ما يُقلقني هو رضيعي الذي لم يتلقى الجرعة الأولى من لقاح الحصبة، والذي يجب أن يليه مباشرة لقاح السل. 

وتابعت : أقرب محلية لنا هي “لقاوة” ولكن هي الأخرى لا يوجد فيها أي لقاحات أو أتيام للتطعيم، وذلك بسبب الحرب وعدم وصول اللقاحات.

وإختتمت حديثها: لجأت إلى طرق أخرى للحصول على اللقاح، وهي الإتصال بأقربائي بمدينة الأبيض، للحصول على اللقاح بصورة أو بأخرى، ولكن هذه لم تجدي نفعاً.

Exit mobile version