لم ينقضِ الأمل بعد في وطن موحد

مدني عباس مدني 

في ناس من أول يوم بدأت فيه الحرب، كان هدفهم أو المهمة الموكلة لهم واضحة، وهي إضعاف القوى المدنية الديمقراطية، ليس لأن موقفها هو موقف ضد الحرب قبل قيامها وبعد نشوبها، ولكن لأن وجودها هو الذي يمكن أن يعطل مشروع التقسيم. ودا ما مشروع بدأ الليلة ولا امبارح.

ثورة ديسمبر لم تكن فقط عثرة أمام استمرار البشير في الحكم، ولكن كانت عثرة أمام مشروع تقسيم السودان. أكثر نظام حكم يمكن أن ينفذ المخطط دا كان هو نظام حكم الحركة الإسلامية، مشروع يجمع بين كونه عقديًّا منغلقًا وعنصريًا بامتياز، لا يؤمن – مهما تبجحت عناصره – بمفهوم الدولة الوطنية. وحتى عندما يدّعون أنهم يحاربون من “أجل الوطن”، فالحقيقة أنهم يحاربون من أجل التنظيم، ودي مهمة ممكن يعملوها في السودان أو في دول ثانية.

حسابات فيسبوكية لأشخاص معلومين وغير معلومين، شغّالة من أول يوم في الحرب بخطاب يساهم في تقسيم الوجدان الوطني، بحيث يصبح تقسيم الجغرافيا أمرًا واقعًا لا بواكي له.

لا يُفهم من كلامي أعلاه أن قوانا السياسية والمدنية مسيرتها خالية من الأخطاء الجسيمة منذ الاستقلال وحتى قيام الحرب ، ولكن بالتأكيد هي واحدة من أهم ممسكات الوحدة الوطنية، وتجسير العلاقات بين السودانيين بدلاً من أن تحكمهم علاقات القبيلة والجهة.

فخ “أبلسة” القوى المدنية والسياسية وقع فيه الكثير، وجعلوا معركة الحرب هي معركة ضد من يرفضها، وليس ضد أحد أطرافها.

لم ينقضِ الأمل بعد في وطن موحد وديمقراطي، ومهما تعالت أصوات البذاءة والتخريب، فإن الموقف الأخلاقي الصحيح يظل موقفًا صحيحًا مهما تم التشويش عليه.

Exit mobile version