شُكـراً محمد حَلفَا

محمد عبد الماجد

انتقدنا مولانا محمد سليمان حلفا رئيس لجنة المسابقات كثيراً، وما زلنا ننتقده وسننتقده، لأنّ اتحاد كرة القدم السوداني يقع في كثير من الأخطاء، وفيه الكثير من الخلل حسب وجهة نظرنا، لكن مع كل هذه الأخطَـاء، ومع رأينا الشخصي السلبي في محمد حلفا، إلا أنّ كل تلك الأشياء، لا تمنعنا من القول إنّ محمد حلفا نجح في ظروف صعبة فيما فشل فيه الآخرون في ظروف طبيعية، بل وجيدة، نجاحه الأول قائمٌ على إكمال الموسم الرياضي وإقامة الدوري التأهيلي والدوري الممتاز وكأس السودان، البطولة التي كان يهملها الاتحاد حتى في الأوضاع الطبيعيّة، وقد أصرّ محمد حلفا، على قيامها مع كل التعقيدات التي واجهتها والتهديدات التي قابلتها من الهلال والمريخ بالانسحاب. وكان لاجتهاده الشخصي ونشاطه وحركته دورٌ واضحٌ في إكمال المُوسِـم بكل مُنافساته.. هذه حقيقة نشهد بها لمحمد حلفا وهي تأتي ممن يُختلف معه ولا يُتّفق.. وقد نكون على موعد مع شخصية إدارية فٌـذّة، إذا استفاد محمد حلفا من النقد واستمع للرأي الآخر، وتصدّى لمشاكل الدوري وسلبيات الاتحاد، بتجرد وأمانة، ونحن سوف نكون سعداء عندما ينجح، حتى ولو أثبت لنا عكس ما كنا نظن.

ما عندنا مشكلة مع زول، وكل من يتصدى للعمل العام، يبقى بيننا وبينه (العمل العام)، ودائماً أقول هنا إنّ تقديراتنا قد تكون غير صائبة، ولكن عزاؤنا في ذلك أنّ تقديراتنا نطرحها على الجميع، وللمتلقي حق الاختلاف أو الاتفاق معها.

واضحٌ أنّ محمد حلفا يمتلك شخصية قوية، وهذا شرطٌ لا بد منه لنجاح الشخص في العمل العام، كما أنّ من دواعي النجاح القُـدرة على تحمُّل النقد، ومحمد حلفا تعرّض لحملات نقد قوية، وهو إن لم يكن يمتلك مقومات الثبات والقُـدرة على المُواجهة، كان سوف يسقط ويتلاشى ـ هو تجاوز باقتدار مرحلة صعبة تُحسب له، خاصةً أنّ العمل في اتّحاد الكرة يقوم على الاجتهاد الشخصي في ظل غياب المؤسسية والعمل الجماعي.

وفي السودان لكي تنجح، عليك أن تقاتل وحدك، وتسير وحدك، وتفعل كل شئ وحدك ـ اللجان والمجالس في السودان عبارة عن تجمُّعات للقهوة والشاي، هي بعيدةٌ عن القرارات وبعيدةٌ عن العمل بوجهٍ عامٍ.

وكثيراً ما تكون اللجان في السودان مُعيقة ومُعطّلة، لأنّ العمل الجماعي في السودان مشكلة.

سوف نكون في النهاية فخورين لنجاح أي شخصية سودانية، ونحن في حاجة لذلك النجاح من أجل الوطن ومن أجل أن يتقدّم ويتطوّر، فقد أضنانا الفشل.

إنّ اكتمال التأهيلي والدوري والكأس في ظل هذه الأوضاع يُعتبر إنجازاً، وإن صاحب تلك المنافسات بعض الأخطاء.

عقوبة المريخ بسبب الانسحاب وإبعاده عن البطولات القارية، ليس من اختصاص اللجنة المنظمة.. حلفا مسؤولٌ عن تنظيم المنافسات المحلية وقيامها وقد نجح في ذلك مع بعض الأخطاء، وهي كما قلت تبقى (مبلوعة) في هذه الظروف، كذلك لا بـد من القول إنّ حلفا في شكوى المريخ ضد مريخ الأبيض طبّق اللائحة، والخلل هنا خلل لائحة وليس خلل محمد حلفا.. مثلما طبّق اللائحة في انسحاب المريخ أمام الهلال.

كذلك ترتيب الجدول في الممتاز، يرجع لمجلس الإدارة وقراراته، هو ليس قراراً للجنة المنظمة، ويمكن من بعد الرجوع للجنة الاستئنافات وقراراتها أو تفسيراتها للنصوص، تسأل عنه هي، لا يسأل عنه محمد حلفا، وما يقال عن لجنة الاستئنافات يقال عن لجنة الانضباط التي كافأت المريخ على انسحابه بتغريمه فقط (5) ملايين جنيه، وعطّلت كل النصوص الأخرى لعقوبة الانسحاب.

محمد حلفا صرّح لتلفزيون السودان، عن عزمهم في الموسم الجديد للقضاء على الشكاوى أو على مسبباتها، وذلك بالإعلان عن اللاعبين المُـؤهّلين للمشاركة مع كل فريق قبل بداية التنافس، وهذا أمرٌ في اعتقادي سوف يحد كثيراً من عمليات التلاعُب والتواطؤ الذي يمكن أن يحدث أثناء الموسم، ويمكن أن تفرضه مواقف الأندية وظروف بعض المباريات.. هذا أمرٌ إذا نجح فيه محمد حلفا سوف يُوقف ظاهرة التلاعب الخطيرة التي استغلتها بعض الأندية في مواسم سابقة.

الشكاوى في عدم صحة القيد، قدمها المريخ في مرات سابقة ضد هلال كادُقلي والأمل عطبرة وقدّمها هذا الموسم ضد مريخ الأبيض وكسب بها المريخ، كذلك يجب وقف التلاعب الذي يحدث في شكاوى الإيقاف والكروت الملونة.

الذين كانوا يخشون على محمد حلفا من الانتقادات والهجوم، نعود ونُكرِّر ما قلناه إنّ نجاح أيِّ شخصٍ، خاصةً إذا كان يشغل منصباً عاماً قائمٌ على الصبر والاحتمال للنقد، وإنّ تجاوز الصعاب والمطبات يستوجب الحكمة والهدوء وعدم الانفعال، ما تعرّض له محمد حلفا من نقد ضروري لنجاحه، أما إذا كان تلاشى وتحطّم بسبب الانتقادات، فإنّه يبقى عندها غير جدير بالمنصب الذي يشغله وكان سيكون غير مأسوفٍ عليه.

أفضل ردٍّ على الانتقادات هو أن تنجح ـ النجاح قادرٌ أن يحمي صاحبه من كل أذى يمكن أن يلحق به.

بقي أن أقول لرئيس لجنة المسابقات، أتمنى أن يطبق نظام الدوري المصري في هذا الموسم بالسودان كموسم استثنائي، يمكن الرجوع لنظام ولائحة الدوري المصري لهذا الموسم، إذ تلعب أندية الممتاز في مصر كلها وهي 21 نادياً، دورة من دورة واحدة، ثم تلعب أول سبعة أندية في الترتيب على البطولة وعلى مراكز التمثيل الخارجي في مجموعة لوحدها، وتلعب بقية الأندية من أجل البقاء في الدوري وتحاشي الهبوط في مجموعة أخرى، وأهم ما في الأمر هو أن تنتقل الأندية التي تلعب للبطولة والتي تلعب للبقاء في المجموعتين إلى المرحلة الثانية بنقاطها التي حقّقتها في المرحلة الأولى، حتى تكون الإثارة والمُتعة حاضرة في المرحلة الأولى للدوري، ولا تكون تلك المرحلة لأندية المُقدِّمة مُجرّد أداء واجب، كذلك من حق تلك الأندية التي اجتهدت في المرحلة الأولى أن تحتفظ بما حقّقته من نقاط في المرحلة الثانية.

علماً بأنّ هذا النظام الذي يلعب به الدوري المصري استمدته رابطة الأندية المصرية من الدوري البلجيكي مع بعض التعديلات، والسودان يمكن أن يفعل نفس الشئ ويجري بعض التعديلات بما يتوافق مع ظروف البلد.

إذا كان عدد الأندية كبيراً في الدوري السوداني ولا يمكن أن تحتضن مبارياته مدينة واحدة، يمكن أن تكون هنالك مجموعتان، على أن تتأهل من كل مجموعة أربعة أندية لتلعب ثمانية أندية من أصحاب المراكز الأولى في المجوعتين على البطولة وعلى مراكز التمثيل الخارجي، بنفس النظام الذي حدث هذا الموسم في دوري النخبة بعطبرة والدامر وبربر وحقق نجاحاً كبيراً، وتلعب بقية الأندية في المرحلة الثانية في المجموعتين، مرحلة البقاء والهبوط من الدوري. غير أن أهم ما في الأمر هو أن تنتقل الأندية إلى المرحلة الثانية بنقاطها التي حققتها في المرحلة الأولى للدوري.

الترتيب للموسم الجديد يجب أن يبدأ مبكراً، وقد أعلن عن انطلاق الدوري الممتاز في 15 سبتمبر القادم، وهذا يستوجب الإعلان عن اللائحة ونظام المنافسة مبكراً، وهو أمر لو لمسنا فيه الاجتهاد سوف يجد منا الدعم والمساندة، ونحن في النهاية لا ننشد إلا النجاح والمصلحة العامة. 

اتحاد الكرة في ظل هذه الحرب تنتظره مهامٌ كبيرةٌ، ومع كل المُعيقات يمكن للاتحاد أن يجعل تلك الظروف سبباً لجلب الدعم من الاتحاد الدولي، لأنّ خوض المنافسات في هذه الظروف أمرٌ يجب أن يجد الدعم أو على الأقل التشجيع من الجميع.

البنية التحتية التي أصلاً يعاني منها السودان حدث لها تدميرٌ كاملٌ، ولإعادة التأهيل ولو للحد الأدنى لا بد من دعم الفيفا، على الأقل من أجل تسيير النشاط.

ما حققه الهلال في الموسم الأخير، والحديث لأهل الهلال يستحق أن يجد عليه دعماً وتحفيزاً من الفيفا ومن الكاف، كذلك يحتاج المريخ للدعم حتى يعود من جديد.

فقدنا كثيراً في هذه الحرب ولا نريد أن نفقد الهلال والمريخ أيضاً. 

سوف أكتب عن فكرة أو طرح لإعادة تأهيل استادي الهلال والمريخ. 

فريق الهلال مثلاً يمكن أن يفتح باب التبرعات والدعم للجماهير الأقطاب والشركات التجارية لتأهيل الجوهرة الزرقاء، بتنظيم مباراة استعراضية ولو لمدة 30 دقيقة تلعب بين الهلال وأحد الأندية الأجنبية أو السودانية، على أن تقام المباراة في استاد الهلال بشكله الحالي، مباراة في التراب تعبيراً عن الحرب وإظهاراً لحالة الخراب والدمار الذي أصاب البلاد بسبب الحرب، ولعكس هذه الصورة للعالم ولنحفظ للهلال حقه وجدارته بأنه في ظل هذه الظروف كان يقاتل ويحقق في إنجازات.

هذه المباراة الاستعراضية أهم ما يمكن أن تقدمه لنا هو الإعلان عن ما تسببت فيه الحرب للعالم أجمع، إلى جانب فتح التبرعات والدعم من قبل جماهير الهلال وأقطابه، إضافةً للبحث عن شركات تجارية لرعاية تلك المباراة التي يُمكن تسويقها في عَـدَدٍ من الفضائيات.

شخصيات هلالية قادرة ونافذة مثل طه علي البشير وصلاح إدريس وأشرف الكاردينال والأمين البرير والسوباط والعليقي وصابر الخندقاوي وغيرهم، إلى جانب روابط الهلال في الخارج، يُمكن أن تسهم في إعادة تأهيل الجوهـرة الزرقاء، العودة لاستاد الهلال أمرٌ لا بد منه. 

الرياضة في هذه الحرب يجب أن تقوم بدورها، والهلال على وجه التحديد ينتظره دورٌ كبيرٌ من منطلق رسالتـه الوطنية، فهو نادي الحركة الوطنية.

إنّي استغرب أنّ الاتحاد والهلال والمريخ لم يبدأوا حتى الآن في الترتيب للعودة، ولم تحدث أية خطوات لتأهيل استادات “الخرطوم والهلال والمريخ والمدينة الرياضية ودار الرياضة أم درمان والتحرير وود نوباوي” ـ إنّ التأهيل يبدأ من تلك الملاعب، كما تبدأ العودة الطوعية من خلال عودة الحياة إلى الملاعب والميادين.

سوف أكتب عن فكرة أخرى تجمع بين الاتحاد والهلال والمريخ لتأهيل استادات “الخرطوم والهلال والمريخ”، أو على الأقل للبداية في التأهيل، لأن التأهيل عملية طويلة وشاقّـة وتحتاج إلى جهد وعمل كبير ـ دعونا فقط نبدأ، لأنّ الصعوبة دائماً تكون في البدايات.

بقي أن أقول وأناشد اتحاد الكرة ومحمد حلفا عن إلغاء الهبوط بسبب ظروف الحرب، علماً بأنّ الدوري المصري وفي ظروف طبيعية ألغى في الموسم الأخير الهُبُـوطـ.

ظروف الحرب تعطي الاتحاد ومجلس إدارته الحق في إلغاء الهُبُـوطـ في الموسم الأخير، فقد كان الموسم الماضي صعباً، لدرجة أننا فقدنا نادياً في حجم الأهلي شندي.

كل ذلك يجب أن يتم الإعلان عنه مبكراً، حتى تُرتِّب الأندية أوضاعها، خاصّةً أنّ فترة التسجيلات سوف تنطلق بعد أسبوع، ومن حق الأندية أن تعرف ما لها وما عليها حتى تُرتِّب للموسم الجديد وهي على علمٍ.

متاريس

التجديد لروفا، أمرٌ يُحسب لمجلس الهلال، ولا بد من القول إنّ الهلال خسر كثيراً عندما فرّط في أبوعاقلة.

اللاعب الناجح، يجب أن تعمل كل شئ من أجل المحافظة عليه. 

عناصر مثل كرشوم والجزولي نوح ومحمد المنذر ومازن محمدين استفادت كثيراً من الدوري الليبي، خاصّةً أنها تلعب الآن المرحلة الأخيرة في الدوري الليبي بالأراضي الإيطالية. 

فاتني أمس أن أتحدّث عن تألق اللاعب مازن محمدين مع الأخضر الليبي، وهو من أفضل العناصر السودانية في الدوري الليبي.

مازن محمدين، لاعب مثقفٌ ومتطلعٌ ومتعلمٌ، لذلك هو لاعبٌ مُتطوِّرٌ. 

… 

ترس أخير: مُنتظِرْنا الكَثير.

Exit mobile version