العليقي بضحك ليه.. هل تمت صفقة «المهاجم السوبر»؟

محمد عبد الماجد

نحن الصّحفيون نعرف ماذا نخزن في الذاكرة؟ وماذا نحفظ؟ ـ عليه نعرف متى نكتب؟ وماذا نكتب؟ أحياناً تحتفظ بمعلومة حتى وأنت تحتفظ بها لا تدري لماذا احتفظت بها؟ وتشمئز من نفسك لماذا هذه المعلومة؟ ـ ثم بعد سنوات ترجع لتلك المعلومة أو الحدث، وتدرك وقتها لماذا ظلت تلك المعلومة صامدةً في ذاكرتك كل هذه المدة؟ رغم إنّك إذا وضعت الموبايل في “حتة جديدة” تظل تبحث عنه اليوم كله.

في الأفلام الأجنبية، عندما يُحقِّق وكيل النيابة مع الشاهد يطلب منه أن يحكي له كل شئ، حتى المعلومات التي يعتقد أنّها غير مهمة ـ والحل دائماً وفك الطلاسم يكمن في المعلومات غير المهمة.

وأحياناً تربط بين حدث وحدث لا علاقة بينهما وتخرج بالنتيجة الصحيحة من خلال هذا الربط.. ولهذا يقال لك أحياناً: يا زول إنت مجنون؟ والمعادلات الصحيحة تصل لنتيجتها أحياناً عن طريق الجنون.. أو التفكير خارج الصندوق. الناس التي مازالت حبيسة في الصندوق لن تتقدّم خطوة.. كل الأحداث المهمة أصبحت تتم خارج الصندوق.

قبل سنواتٍ، جمعتني مكالمة هاتفية بصلاح إدريس، وكان سعيداً وفرحاً وهو يقول لي إنه نجح في ضم المدافع الصادق الجريف للأهلي شندي، وكان وقتها هنالك صراعٌ قوي بين صلاح إدريس وجمال الوالي لكسب الصادق الجريف، وقد نجح إدريس في توجيه ضربة قاضية للمريخ بضم اللاعب للأهلي، وهو كان قريباً جداً من المريخ، الأرباب عندما يدخل في تحدٍّ من هذا النوع لا يخسر.. صلاح حينها كان قد خرج من الهلال وتفرّغ لرعاية ودعم الأهلي شندي.

سعادة الأرباب لم تكن فقط في توجيه ضربة للمريخ، وإنّما كان في قوله لي إنّ الأهلي كسب لاعباً سوف يكون له شأنٌ كبيرٌ، وقد كان، ولو لعب الصادق الجريف في الهلال أو المريخ لأصبح من أفضل المدافعين في تاريخ السودان، ونظرة صلاح الفنية لا تُخيّب.

أقول ذلك لأنّني لمست شبهاً في هذا الجانب بين صلاح إدريس والعليقي مع (فارق السرعات والخبرات)، وقد أتاحت لي مرافقة الهلال إلى جنوب أفريقيا أثناء فترة التسجيلات، أن أرى كيف يعمل العليقي وكيف يفكر ويخطط؟ يظل العليقي في فترة التسجيلات في تحدٍّ خاص ـ هو حدثني بعد ذلك إنّه يحب تلك التحديات، ويستمتع بها، وقد كان العليقي وقتها في جنوب أفريقيا ينزل ويطلع، ويخرج ويعود وهو مهمومٌ بإكمال صفقة، كان التلفون لا يفارقه، يغضب تارةً، ويثور تارةً، ويفرح تارةً. لا يأكل، لا ينام، َولا يتكلم. 

في الليلة التي تم فيها التعاقد مع عبدول أجاجون وجدته في المساء غاضباً، حدّثني عن أنّ الصفقة في طريقها للانهيار ـ لم أكن أعرف اسم اللاعب، في الصباح وجدته عائداً لفندق الإقامة وهو فرحٌ، قال لي الصفقة اكتملت الحمد الله عند الثانية فجراً.

في منتصف النهار، جاء أجاجون للهلال وهو يحمل حقيبته وانضم للبعثة ـ أجاجون كان لاعباً كبيراً ـ أعتقد أنّه إلى جانب الملاوي جيرالد من أفضل الصفقات التي مرّت على الهلال، ولم تنجح كما تستحق.

هذه المشاهد (المجمعة)، تجعلني أعرف كيف يفكر العليقي؟ وما هي ردة فعله عندما يقوم بفعل.

قد ينجح العليقي في إخفاء الفعل، لكنه لن ينجح في إخفاء ردة الفعل.

في صفحته على الفيس بوك صباح اليوم، كتب العليقي (اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك، لا شريك لك فلك الحمد والشكر).. ونشر العليقي مع هذا الحمد صورته وهو يضحك، ومن خلال هذا المشهد وتلك الرسالة، أزعم أنّ العليقي حسم صفقة مهمة جداً للهلال ـ وصفقات الهلال تنجز ليلاً، أرجِّح أن تكون صفقة (المهاجم السوبر) قد تمت، والما بشوف من الغربال يبقى أعمى ـ هذا تحليل وليس معلومة، لكنه تحليلٌ مبنيٌّ على قرائن أخرى، لا داعي لذكرها الآن.

قبل انتقال أبوعاقلة إلى الأهلي بنغازي، كان العليقي قد كتب على صفحته (بوست) فيه إشاراتٌ إلى رحيل أبوعاقلة من الهلال وعدم التجديد معه.

إذا كان هنالك قائدٌ أو مسؤولٌ والبلاد في حالة حرب، وكتب على صفحته ما يُشير للحمد والشكر والفرح، فإنّ ذلك دليل مدينة حُـرِّرت أو ضربة وُجِّهَـت إلى العـدو.

معظم الضربات التي وجّهتها إسرائيل في الفترة الأخيرة بدأت بتغريدة من ترمب.  

عندما يكون هنالك إداريٌّ في حجم العليقي يتكتّم عن كل شئٍ، ويكتب مع غموضه هذا ما يُوحي بالفَـرح، فإنّ الإشارة هنا تخبر بأنّ الهلال أنجز صفقة.. الموضوع ما عاوز ليه (درس عصر). 

الراجح أنّ الصفقة اكتملت، فترقبوها.

Exit mobile version