البعوضة هنا، أشد فتكا من بهتان البرهان؟!

الجميل الفاضل

لا يخشي المرء في نيالا إلا تهافت الذباب بالنهار، ولسعات البعوض في الليل.

يتناوب هنا هذان المخلوقان المزعجان – الذباب والبعوض – فقط، في هذه المدينة قض مضاجع الناس وإقلاق منامهم.

علي أية حال، فإن خالق الأكوان نفسه قد قال: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا”.

كما قال سبحانه وتعالي أيضا: “إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ”.

في نيالا كشف للصحفيين اليوم د. مصطفي حسن عبدالله مدير عام وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور عن تسجيل 97 حالة إصابة جديدة بالكوليرا منها 6 حالة وفاة حدثت أمس السبت.

وأشار تقرير صادر عن الإدارة العامة للطوارئ الصحيةومكافحة الأوبئة بالوزارة الي أن حالات الإصابة والوفيات منذ تسجيل أول حالة فى السابع والعشرين من مايو للعام 2025م إرتفعت الى (1683) منها (97) حالة وفاة.

فيما بلغ عدد الإصابات بمحلية نيالا شمال (530) حالة منها 23 حالة وفاة، ونيالا جنوب (353) حالة ادت 15 منها للوفاة، اضافة ل (4) حالات أخري بنتيقة، و(496) اصابة ببليل منها 40 حالة وفاة، اضافة ل (41) حالة بمحلية كاس أدت لحالتي وفاة، ومحلية السلام 240 اصابة تسببت في 6 وفيات، بجانب محلية مرشنج 11 حالة، وعدالفرسان 3 حالات ومحلية شرق جبل مرة 6 إصابات وحالتي وفاة.

بيد أن د. مصطفي أكد للصحفيين إن موجة الوباء ستنحسر وفق تقديرات وزارته في غضون أسبوعين من الآن.

وكانت يسرا عيسي مديرة تعزيز الصحة بالوزارة قد تعهدت بتوزيع عادل لأكثر من مليوني ناموسية مشبعة لمكافحة الملاريا والبعوض الناقل لها بنيالا.

البعوضة هذا المخلوق المحير الذي هو أشد فتكا من النميمة كما قال محمود درويش ومن بهتان تلفزيون البرهان بالطبع، يقول الشاعر:

“أَلبعوضةُ، ولا أَعرف اسم مُذَكَّرها، 

أشَدُّ فَتْكاً من النميمة. 

لا تكتفي بمصّ الدم، 

بل تزجّ بك في معركة عَبَثيّة. 

ولا تزور إلاّ في الظلام كَحُمَّى المتنبي. 

تَطِنُّ وَتَزُنُّ كطائرةٍ حربية لا تسمعها إلاّ بعد إصابة الهدف.

دَمُكَ هو الهدف. 

تُشْعل الضوء لتراها

فتختفي في رُكْنٍ ما من الغرفة والوساوس، ثم تقف على الحائط

آمنةً مسالمةً كالمستسلمة.

تحاول أن تقتلها بفردة حذائك، فتراوغك

وتفلت وتعاود الظهور الشامت. 

تشتمها بصوت عال فلا تكترث. 

تفاوضها على هدنة بصوت وُدِّي: 

نامي لأنام ! تظنُّ أَنك أَقْنَعْتَها فتطفئ النور وتنام. 

لكنها وقد امتصت المزيد من دمك تعاود الطنين إنذاراً بغارة جديدة. 

وتدفعك إلي معركة جانبيّة

مع الأَرَق. 

تشعل الضوء ثانية وتقاومهما،

هي والأرق بالقراءة. 

لكن البعوضة تحطُّ على الصفحة التي تقرؤها، فتفرح قائلاً في سرّك: لقد وَقَعَتْ في الفخّ. 

وتطوي الكتاب عليها بقُوَّة: قَتَلْتُها.. قتلتُها ! وحين تفتح الكتاب لتزهو بانتصارك، لا تجد البعوضة ولا الكلمات. 

كتابك أَبيض !. 

البعوضة، ولا أعرف اسم مُذَكَّرها، ليست استعارة ولا

كنايةً ولا تورية.

إنها حشرة تحبُّ دمك

وتَشُمُّه عن بُعْد عشرين ميلاً. 

ولا سبيل لك لمساومتها على هدنة غير وسيلة واحدة:

أن تغيِّر فصيلةَ دمك.

لكن يسرا تقول: أن الناموسية المشبعة هي وسيلة أخري ناجعة.

Exit mobile version