في أقل من خمس سنوات، فقد السودان وخارجه سبع طبيبات سودانيات غدراً على يد أزواجهن أو أزواجهن السابقين. سبع أرواح بيضاء، أقسمن يوماً على حماية حياتنا، فخسرن حياتهن لأن المجتمع ما زال يربّي بعض أبنائه على أن نجاح المرأة يشكل تهديدًا لرجولتهم.
هذه الجرائم ليست مجرد حوادث فردية، بل ظاهرة متكررة لها جذور اجتماعية ونفسية واقتصادية، تعكس خللاً كبيراً في القيم والتربية والمجتمع القانوني.
الضحايا وأماكن الجرائم
داخل السودان:
د. ميادة – الخرطوم – قُتلت على يد زوجها السابق.
د. إيناس – أم درمان – طُعنت حتى الموت داخل منزلها.
د. ناهد – مدني – خنق مروّع.
د. آمال – عطبرة – ضحية إطلاق نار من زوجها.
د. روعة – مروي – نائبة اختصاصي التخدير، أُزهقت روحها بدم بارد على يد طليقها.
في السعودية:
د. سارة – جدة – قُتلت طعناً على يد زوجها.
د. دعاء – الرياض – خنق داخل منزلها.
إحصاءات صادمة
متوسط سن الضحايا: 28 – 40 سنة.
نسبة القتل داخل السودان: 71% (5 من 7).
نسبة القتل خارج السودان: 29% (2 من 7).
متوسط معدل وفاة طبيبة سودانية على يد الزوج: حالة واحدة كل ثمانية أشهر تقريباً.
مؤشرات الفشل والتحريض على العنف
تحليل شامل لحوادث القتل يشير إلى أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية تلعب دورًا كبيرًا في دفع بعض الرجال إلى ارتكاب هذه الجرائم:
1. العطالة والفراغ الذهني
الرجال الذين يعانون البطالة أو لا يملكون طموحاً أو هدفاً مهنيًا، يصبحون أكثر عرضة للشعور بالتهديد من نجاح المرأة، ويعتبرون أي تقدم لها تحدياً لمكانتهم.
2. مناخ الغربة والابتعاد عن الأسرة
العمل والعيش في الخارج يزيد من الضغوط النفسية والاجتماعية. الغربة تقود أحياناً لمقارنات اجتماعية مستمرة، وخلق شعور بالدونية أمام الزوجة أو أي امرأة ناجحة.
3. المقارنة الاجتماعية والحسد
نجاح المرأة، سواء في العمل أو الدراسة، غالبًا ما يُنظر إليه من جانب بعض الرجال على أنه تهديد، خصوصاً إذا كانت المرأة أعلى مستوى تعليمياً أو مهنياً منهم. هذه المقارنات تولّد شعوراً بالعجز والتحريض على العنف.
4. الزواج القسري أو من أقل تأهيل
الكثير من الحالات تحدث لأن المجتمع أو الأسرة تُرغم الفتاة على الزواج بأي رجل بغض النظر عن تأهيله. هذا يخلق حالة من الصراع النفسي بين الطرفين ويزيد من احتمالية العنف.
5. غياب القوانين الرادعة والحماية الاجتماعية
بعض القتلة يجدون ثغرات قانونية أو بطء في المحاكم، ما يعزز شعورهم بالإفلات من العقاب ويشجع على استمرار هذه الجرائم.
6. الضغط الاقتصادي والاجتماعي على الرجل
شعور بعض الرجال بالفشل المالي أو الاجتماعي يؤدي إلى محاولة السيطرة بالقوة، واعتبار نجاح المرأة تهديداً لرجولتهم.
دور الأسرة والمجتمع
إلى الأسر والأمهات:
لا تتركوا بناتكم ضحايا للجهل والفشل والفراغ وأصحاب الحقد. النجاح ليس عاراً، والزواج ليس دائماً الحل. إجبار الفتاة على الزواج من أي رجل أقل تأهيلاً منها يشكل بذرة التحريض ضدها، وقد يؤدي إلى أخطار تهدد حياتها ومستقبلها.
إلى المجتمع
الصمت خيانة، والتبرير مشاركة في الجريمة. يجب إعادة صياغة التربية الاجتماعية لتعليم احترام المرأة كإنسان كامل الحقوق، وتوفير حماية قانونية فعالة لكل النساء.
إلى المقبلين على الزواج من الطبيبات:
نجاحها ليس إهانة، بل إضافة لحياتك. كن سنداً، لا قيوداً.
خاتمة
الجرس دقّ… لكن كم روحاً أخرى يجب أن تُزهق قبل أن نوقف نزيف العنف ضد الطبيبات؟
رحم الله ميادة، إيناس، ناهد، آمال، روعة، سارة، ودعاء… وأوقف نزيف الغدر قبل أن نفقد المزيد من أرواح سودانية بيضاء في أيدي جهلة وفاشلين.