تتصاعد في الآونة الأخيرة تصريحات إثيوبية تحمل نبرة تهديد تجاه إريتريا، بشأن ميناء عَصَب على البحر الأحمر. بيد أنّ السؤال الجوهري هو: هل يجيز القانون الدولي لدولة حبيسة أن تشنّ حرباً لانتزاع منفذ بحري؟
الإجابة القطعية، لا. فبموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS 1982)، للدول الحبيسة حقوق واضحة تتمثل في الوصول إلى البحر وحرية المرور عبر دول العبور، لكن على أساس الاتفاقيات والتعاون السلمي. تنصّ المادة 125 صراحة على أنّ هذه الحقوق تُمارس عبر التفاهمات الثنائية أو الإقليمية، ولا يوجد أي نص يتيح استخدام القوة أو العدوان العسكري لتحقيقها.
القانون الدولي العام بدوره يقطع الطريق أمام أي محاولة لتبرير الحرب. إذ تحظر المادة 2(4) من ميثاق الأمم المتحدة التهديد أو استخدام القوة ضد استقلال أو سلامة أي دولة. والاستثناءات الوحيدة تتمثل في الدفاع الشرعي عن النفس ضد اعتداء مسلح أو تفويض صريح من مجلس الأمن، ولا ينطبق أي منهما على حالة مطالبة إثيوبيا بميناء عَصَب. أي هجوم من هذا النوع سيُصنَّف بوضوح ضمن أعمال العدوان وفق تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة (قرار 3314) وإعلان العلاقات الودية (قرار 2625)، ويُعد جريمة دولية.
وعليه، فإن أي مسعى إثيوبي للسيطرة بالقوة العسكرية على ميناء إريتري لا يُنتج حقوقاً، بل يُرتب مسؤولية دولية جسيمة. إذ يحق لإريتريا ممارسة حق الدفاع المشروع، كما يمكن لمجلس الأمن أن يتخذ تدابير عقابية (عقوبات اقتصادية أو عسكرية، إلزام الانسحاب، أو حتى إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية). كما أنّ أي أراضٍ مكتسبة بالقوة تظل غير مشروعة بموجب القانون الدولي، ما يعني بطلان قانوني مطلق لأي محاولة فرض واقع بالقوة.
البدائل المشروعة متاحة بوفرة؛ كالتفاوض المباشر بين إثيوبيا وإريتريا، إبرام اتفاقيات استخدام الموانئ، التعاون الاقتصادي الإقليمي، أو اللجوء إلى آليات الوساطة والتحكيم الدولية. هذه المسارات وحدها تتسق مع قواعد القانون الدولي وتضمن استقرار المنطقة.
وعليه لا يترك القانون الدولي منفذاً يشرعن حرباً إثيوبية على إريتريا بغرض الحصول على ميناء.
الطريق الوحيد أمام أديس أبابا هو الحوار والتعاون، أما أي عدوان عسكري فلن يُكسبها سوى عزلة دولية ومسؤولية قانونية وأخلاقية لا جدال حولها.