خطوة طه سليمان 

إيهاب محمد علي 

وتاني طه سليمان .. الرجل في الحفلة الأولى أعلن بوضوح انه حيدخل السوق المصري، وقراره ده في تقديري مستند على حاجتين، اولها عنده مجموعة من الأغاني فيها :نفس” شرقي، وثانيها، عنده أعمال ممكن أن يتعدّل التوزيع حقها عشان تناسب الذوق غير السوداني.

طه فاهم ان الشريحتين ديل من الاغاني بمنحوه دفعة حقيقية للتواصل مع الجمهور المصري، خاصة وأنه عنده شعبية كبيرة في مناطق أسوان والنوبة، وعنده تعاونات فنية مع مطربين من هناك. وفي حفله الأخير، قدم أغنية من كلمات وألحان الشست الالباهي _ El Bahyفي خطوة بتعكس التوجه ده.

 خطوة الغناء باللهجة المصرية ما بدعة، مطربين عرب كتيرين صف أول غنوا باللهجة المصرية من أصالة نصري السورية لحسين الجسمي الأماراتي، ووائل جسار واليسا ونانسي عجرم اللبنانيين وصابر الرباعي التونسي وحميد الشاعري الليبي ، وسعد المجرد المغربي وغيرهم غنوا باللهجة المصرية الغناء باللهجة المصرية كان وما زال بوابة عبور لكثير من الفنانين العرب فاللهجة المصرية كانت وما زالت بوابة عبور نحو الانتشار الجماهيري، لأنها تخاطب جمهورا بتجاوز 120 مليون نسمة، وتصل لقرابة نصف مليار عبر المنصات العربية.

طيب .. لما قرر طه أن يمشي في الطريق ده، تهاجم بشدة وقابل انتقادات، وكأن التجربة محرّمة عليه وحده. .. ليه؟؟ هل لأن طه سوداني؟ ولا لأن اختياره الفني الأخير ما متماشى مع الصورة النمطية اللي اعتادها الجمهور منه؟ 

الغناء السوداني في مصر ما جديد وتجربة جواهر والراحلة ستونة ما بعيدة، كلهم دخلوا تجربة “التمصير” الفني. لكن المختلف في تجربة طه الأخيرة، أنه اختار أن يخاطب الشارع المصري زي ما هو اليوم، لا كما كان بالأمس.

طه سليمان في الفيديو كليب الأخير اتجه لأغاني “الزنق المصرية” المنتشرة في التكاتك والمناطق الشعبية، واللي بسيطر عليها كزبرة، حمو بيكا، حسن شاكوش وغيرهم. والنوع ده من الغناء هو المسيطر حالياً على الذائقة الشبابية المصرية، خصوصاً لدى جيل Gen Z، وهو الجمهور المستهدفه طه بوضوح.

في الحفلتين طه ركّز على نوعية محددة من الأغنيات، وكرر بعضها، وده في تقديري مؤشر لأنه شغال على إعادة تشكيل لهويته الفنية بما يتناسب مع مشروعه الجديد. طه حاليا عمره الفني تجاوز الـ30 سنة، وواضح انه ما عايز يخاطب جمهور عمره فوق الـ25 سنة. وهو يراهن على الشباب، على جمهور التيك توك، وعلى لغة الشارع الجديدة.

 التحول ده ما مجرد تغيير في اللهجة أو الإيقاع، بقدر ما هو إعادة تعريف للذات الفنية، وتحرر من القوالب التقليدية. 

طه لا يطلب القبول، هو يفرض نفسه على ساحة جديدة، بشروطها، وبأسلوبها، وبجمهورها.

فهل عندنا الشجاعة عشان نعاين لتجربته بعين التحليل، لا بعين الهجوم؟ وهل ممكن نسمح للفنان أنه يتطور، حتى لو كان طريقته بره توقعاتنا؟

Exit mobile version