السودان أولاً … حين توحدنا الهزيمة وتجعلنا أكثر قوة

صديق الدخرى

لم تكن مباراة الزمالة أم روابة في بطولة الكونفدرالية مجرد حدث رياضي عابر، بل كانت مشهداً وطنياً متكاملاً جسّد عمق الانتماء للسودانيين في كينيا، وأظهر للعالم أن الهزيمة في الميدان لا تعني أبداً الهزيمة في الروح.

على مدرجات الملعب ارتفعت الأصوات، وتعانقت الهتافات، وتزينت المدرجات بألوان السودان، في لوحة نادرة أكدت أن الوطن لا يغيب حيثما حلّ أبناؤه. فقد غلبت مشاعر الفرح بالهوية على مرارة النتيجة، وتحولت المباراة إلى عرس وطني تردد فيه الأهازيج وتُرفع فيه الأكف بالدعاء، في تجسيد صادق لمعنى الوحدة واللحمة الوطنية.

وما أعظم تلك اللحظة المؤثرة حينما ذرف لاعبو أم روابة دموعهم، لا حزناً على الخسارة وحدها، بل وفاءً لجماهير هتفت باسم السودان حتى آخر دقيقة. كانت دموعاً تختلط فيها الغيرة على الوطن مع الإحساس بالمسؤولية تجاه شعب عظيم ظلّ يراهن على أبنائه في كل محفل.

إن الرياضة ليست فقط فوزاً وخسارة، بل هي مدرسة للوطنية، وساحة تُختبر فيها معادن الشعوب. وما شهدناه من مشهد تضامني للسودانيين في كينيا يعكس يقظة الوجدان الجمعي، ويؤكد أن الانتماء للسودان باقٍ في القلوب مهما تفرقت بنا الجغرافيا.

لقد خسر الفريق نتيجة المباراة، لكن السودان كسب في هذا اليوم درساً عميقاً في معنى الوحدة، وأثبت أن الهزيمة لا تنال من عزائم الشعوب بل تزيدها قوة وإصراراً. سيظل مشهد المدرجات والهتاف والدموع ملهماً لأجيال قادمة، يذكّرنا أن السودان ليس مجرد حدود على الخريطة، بل روح متقدة تسكن أبناءه أينما كانوا.

فلتُرفع الهامات فخراً، ولتظل راية السودان عالية خفاقة، ولتكن هذه اللحظة بداية جديدة نحو مستقبل تصنعه الإرادة وتبنيه الوطنية.

Exit mobile version