أزمة الوقود والكهرباء تجبر نساء جنوب كردفان على استخدام “المرحاكة” لإعداد الطعام 

مشاوير - تقرير - محمد أحمد علي يونس

تسببت الحرب المستمرة لما يقارب الـ26 شهراً في ولاية جنوب كردفان ومنطقة جبال النوبة في أزمات عدة، منها تفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية وتمدد المجاعة التي حاصرت المواطنين الذين بالكاد يحصلون على وجبة واحدة في اليوم. 

وأسهمت أزمة الوقود الطاحنة وارتفاع أسعاره، وكذلك انقطاع الكهرباء لأكثر من ثلاثة أشهر إلى توقف عمل المطاحن في مناطق عديدة، واضطرت غالبية النساء إلى استخدام حجر الرحى “المرحاكة” لطحن حبوب الذرة والدخن لتوفير الدقيق وإعداد الوجبات اليومية.

و”المرحاكة” هي المصطلح السوداني الذي يطلق على حجر الرحى، ويعد أقدم الأدوات التي صنعها الإنسان واستخدمها في طحن الحبوب قبل ظهور الطواحين الكهربائية وهي تصنع يدوياً من الحجارة.

وتعتبر “المرحاكة” من الأدوات التي تستخدمها المرأة السودانية منذ العصور القديمة، وهي عبارة عن حجرين مستديرين يوضعان فوق بعضهما ويثبت الحجر السفلي، أما الحجر العلوي فيوجد فيه ثقب لسكب الحبوب، وبه عصا خشبية أو معدنية ليدور ويطحن الحبوب، كما يمكن التحكم بدرجة خشونة الحبوب المطحونة خلالها بزيادة الكمية أو إنقاصها، إذ تدار بسلاسة بين اليدين وعكس عقارب الساعة.

أداة تقليدية لطحن الحبوب

بدائل شاقة 

في السياق، تقول خديجة الماحي، وهي ربة منزل من منطقة الكرقل إن “أزمة الكهرباء فاقمت معاناة المعيشية بسبب توقف عمل المطاحن في ظل شح وندرة الدقيق بالأسواق، إلى جانب أزمة الوقود وارتفاع أسعاره لمعدلات قياسية. 

وتضيف في حديثها لمنصة (مشاوير) “الانفلات الأمني وتزايد انتهاكات المجموعات المسلحة وعمليات النهب والسلب في مدن وقرى الولاية أسهمت جميعها في إغلاق الأسواق ونفاد البضائع والمنتجات وخصوصاً الدقيق، لذلك لجأت النساء في الإقليم لاستخدام (المرحاكة) لطحن حبوب الذرة والدخن للحصول على وجبة واحدة في اليوم.

وأوضحت أن “عملية طحن الحبوب على (المرحاكة) ليست بالسهلة بل تستغرق جهداً وتركيزاً، ولا سيما الذرة التي تحتاج أكثر من دورة تستغرق ساعتين لتتحول إلى طحين ناعم يصلح لإعداد الطعام.

أداة تقليدية لطحن الحبوب

حلول موقتة 

كلتوم عبد الله التي تقطن منطقة كالوقي أشارت إلى أن “أزمة الكهرباء والوقود تفاقمت بدرجة لا توصف وضاعفت من معاناة المواطنين الذين لم يغادروا منازلهم حتى الآن، وباتت الأوضاع المعيشية صعبة للغاية نظراً إلى شح وندرة المواد الغذائية. 

ونبهت إلى وجود أزمة طاحنة في الدقيق بالمحال التجارية المحدودة، فضلاً عن توقف المطاحن بسبب انقطاع خدمة الكهرباء وانعدام الوقود لأكثر من خمسة أشهر مما أدى إلى لجوء ربات المنازل إلى استخدام (المرحاكة) لطحن حبوب الذرة والدخن من أجل توفير الدقيق لتحضير الوجبات اليومية.

وأشارت عبد الله أن “المرحاكة” أسهمت في حل أزمة توفر الطحين على رغم صعوبة ومشقة العمل عليها خلال ساعات متواصلة وبشكل شبه يومي، إذ تعد وجبة للأطفال في الصباح أما بقية الدقيق فيخصص لوجبة العشاء.

أداة تقليدية لطحن الحبوب

العودة إلى العصور القديمة 

من جهتها ترى، فوزية الشيخ التي تسكن مدينة هيبان في حديثها لمنصة (مشاوير) أن “أزمة الوقود وانقطاع الكهرباء اعادا النساء في إقليم جنوب كردفان إلى العصور القديمة لحل المشكلات الناتجة عن تداعيات الحرب. 

ولفتت إلى أن “النساء يعانين بشدة خلال الظروف الحالية لتوفير الغذاء للأطفال وكبار السن على رغم نفاد المدخرات لغالبية السكان. 

وناشدت المواطنة السودانية المنظمات الدولية بضرورة توصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين بصورة عاجلة لمجابهة الأزمات الاقتصادية في الفترة الحالية.

Exit mobile version