
حين كتبتُ الوتر الضائع لأول مرة، كنتُ أظن أنني أدوّن قصة، فإذا بي، في الحقيقة، أُسجل قلقًا.
قلقًا إنسانيًا يتسلل من بين تفاصيل حياتنا اليومية، ويتقاطع مع أسئلة أكبر من قدرة العقل وحده على الإجابة: من نحن؟ ولماذا نحن هنا؟ وهل ثمة رسائل خفية تسكن في المدى، وتنتظر منا أن نفهمها؟
لم تكن “سعاد” مجرد شخصية ورقية اخترعتها، بل كانت شيئًا أعمق، ربما كانت حالة شعورية، أو كائنًا روحيًا ظهر في هيئة إنسان، وربما كانت مجرد مرآة لحقيقتنا التي نغضّ الطرف عنها كثيرًا.
مرت سنوات منذ صدور الطبعات العربية الأولى، وها أنا أعود إلى هذا النص في طبعته ، لا بصفتي مؤلفًا، بل قارئًا أيضًا. قارئًا أحسَّ أن بعض الجمل قد كُتبت بيد شخص آخر في داخلي، كان يعرف أكثر مما كنت أعلم.
وكلما سألني أحدهم: “هل ما ورد في الرواية حقيقي؟”، كنتُ أبتسم وأجيبه:
“كل ما فيها حقيقي… إلا ما نظنه خيالاً.”
هذه الطبعة ليست إعادة نشر فقط، بل هي دعوة مفتوحة للتأمل من جديد، في زمن صار الظلام فيه ليس غيابًا للنور، بل غيابًا للحب، ولليقين، وللإنصات. قد تكون “اللجنة العليا للأرواح” مجرد استعارة، وقد تكون موجودة بالفعل، لكن الأهم: هل نحن مستعدون لنصدق أن الحب قادر على إنقاذ الضوء، والضوء قادر على إنقاذنا؟
في هذا العالم الذي تتكاثر فيه الأسئلة، تبقى الرواية محاولة لالتقاط همسة واحدة من همسات المعنى علّها توقظ فينا شيئًا يشبه الإنسان الذي كدنا ننساه.
قريبا في المعارض العربية تجدونها و”شبح شفاف ” أحدث اصداراتي.
* كاتب روائي وقانوني