المرصد السوداني لحقوق الإنسان يدين الحكم بإعدام المحامي أبوبكر منصور ويطالب بإلغائه والإفراج عن محاميه
"لا يجب أن تكون السلطة القضائية أداة لتصفية الخلاف السياسي وقهر الخصوم"

متابعات – مشاوير
أصدر المرصد السوداني لحقوق الإنسان بيانا ادان فيه بأشد العبارات الحكم الصادر عن محكمة جنايات سنجة بتاريخ 5 أكتوبر 2025، والقاضي بإعدام المحامي أبو بكر منصور شنقًا حتى الموت. كما يُعرب المرصد عن إدانته البالغة لاعتقال الأجهزة الأمنية للمحامي أبو بكر الماحي، عضو هيئة الدفاع عن المحامي المحكوم بالإعدام، قبل أيام من صدور الحكم ومنعه من أداء واجباته المهنية. معتبرا هذا الحكم يمثل إجهاضاً تاماً لضمانات المحاكمة العادلة وتحدياً صارخأً لسيادة القانون. فالحكم صدر في تجاهل تام لقرار محكمة استئناف التي كانت قد أمرت بإعادة الملف لسماع بينات إضافية. وقد أصدر القاضي عبد اللطيف آدم محمد علي، حكم الإعدام من دون الالتزام بقرار الاستئناف، وفي جلسة لم يتم إخطار هيئة الدفاع بها، مما يشكّل إهدارًا كاملًا للحق في الدفاع المكفول بموجب القوانين الوطنية والمواثيق الدولية.
وذكر المرصد في بيانه إن اعتقال المحامي أبوبكر الماحي، عضو هيئة الدفاع، ومنعه من التواصل مع موكله، لا يمثل فقط انتهاكًا شخصيًا بحقه، بل هو اعتداء مباشر على مهنة المحاماة وتقويض ممنهج للحق الأصيل في الدفاع، وهو ما تحظره مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين (هافانا 1990) التي تُلزم الدول بضمان أداء المحامين لمهامهم دون ترهيب أو إعاقة. وتنص المادة 16 من المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين، التي اعتمدتها الأمم المتحدة في سبتمبر 1990 في كوبا على ان تكفل الحكومات للمحامين “القدرة على أداء جميع وظائفهم المهنية بدون تخويف أو إعاقة او مضايقة أو تدخل غير لائق؛ وعدم تعريضهم، ولا التهديد بتعريضهم، للملاحقة القانونية أو العقوبات الإدارية والاقتصادية وغيرها نتيجة قيامهم بعمل يتفق مع واجبات ومعايير وآداب المهنة المعترف بها.”
كما تؤكد المادة 20 من نفس المبادئ الأساسية على حصانة المحامين، في ما يتعلق بتصريحاتهم أو مرافعاتهم امام المحاكم.
يذكر أن هذه القضية تأتي في سياق مقلق من استخدام السلطات القضائية أداةً لتصفية الخلاف السياسي وقهر الخصوم، وتدخّل الأجهزة الأمنية في سير العدالة، وهو ما يقوض استقلال القضاء بشكل كامل. وقد رصدنا استخفاف الأجهزة الأمنية بأحكام القضاء وقراراته في حالات سابقة.
وقد أعرب أحد أفراد أسرة أبو بكر عن صدمة الأسرة العميقة إثر صدور هذا الحكم القضائي، عكس التفاؤل الذي ساد جلسات المحاكمة، حتى بالاستناد إلى إفادات شهود الاتهام. وأوضح ممثل الأسرة أن الحكم “تسبب في أذى نفسي بالغ لأطفاله الذين لم يستوعبوا معناه، كما اضطرت الأسرة إلى إخفاء الخبر عن والده الطاعن في السن، خشية على صحته من هول الصدمة”.
وقالت الأسرة إن أبو بكر “نموذج للمواطن المتفاني حيث كان مسؤولاً في منظمة نداء سنجة التي قامت بصيانة المدارس وتصدّت للكوارث والفيضانات. وأن أبو بكر لم يخرج من سنجة ابان سيطرة الدعم السريع عليها بسبب كبر سن والديه ومرضهما. وظل يقدم العون لأهل المنطقة والمحتاجين, خاصة في مجال العلاج حيث تمتلك الاسرة شركة أدوية وصيدليات في عدة مدن.”
هذه الممارسات تنتهك بشكل مباشر التزامات السودان بموجب العهـد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لا سيما المادة 14 التي تضمن الحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة.
وطالب المرصد السوداني لحقوق الإنسان سلطات الأمر الواقع بالآتي:
الإلغاء الفوري لحكم الإعدام الصادر بحق المحامي أبوبكر منصور، وضمان إعادة محاكمته أمام هيئة قضائية مستقلة ومحايدة تلتزم بكافة ضمانات المحاكمة العادلة.
الإفراج الفوري وغير المشروط عن المحامي أبوبكر الماحي، وتمكينه من ممارسة مهنته بحرية ودون ترهيب.
فتح تحقيق فوري وشفاف في ملابسات اعتقال المحامي الماحي والانتهاكات الإجرائية التي شابت المحاكمة، ومحاسبة المسؤولين عنها.
الكف فورًا عن استخدام القضاء كأداة للانتقام السياسي ووقف كافة أشكال التدخل الأمني في عمل السلطة القضائية والنيابة العامة.
وحمّل المرصد السلطات الأمنية والقضائية في سنجة المسؤولية الكاملة عن السلامة الجسدية والنفسية للمحاميين أبوبكر منصور وأبوبكر الماحي. كما يدعو المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية إلى مراقبة هذه القضية عن كثب والضغط على السلطات السودانية لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة.
إن حماية استقلال القضاء وحق المتهم في التمثيل القانوني ليسا ترفًا، بل هما حجر الزاوية لأي نظام يسعى لتحقيق العدالة وسيادة القانون.