في ظل أزمة الحرب بالسودان والمجاعة والنزوح واللجوء والتدخل الإقليمي والدولي، فإن الآمال تتجه نحو طي صفحة الدمار والخراب، وتحقيق السلام وإيقاف شبح المجاعة، والعودة إلى مسار التحول المدني الديمقراطي.
يقول القيادي بالحزب الشيوعي السوداني، فتحي فضل في مقابلة مع “مشاوير”، إن “الخطوة الأولى لدرء المجاعة هو الاعتراف بوجود مجاعة تزحف لتغطي كافة أقاليم السودان، المجاعة ليست فقط في مناطق النزاعات والمواجهات العسكرية الدموية ومعسكرات النزوح أو في الولايات التي تعرضت للفيضانات والأمطار.”.
وقال: “المجاعة دخلت العاصمة المثال الحي هو ما يجري في الحارة (14) الثورة بمدينة أم درمان دليل على ذلك، لذا من المهم إعلان السودان كبلد كارثة يعيش مجاعة يتعرض لها غالبية السكان، 25 مليوناً أو أكثر، ومن هنا نبدأ بتكوين وبناء الأدوات الداخلية المدنية من لجان المقاومة والطوارئ ومتطوعين للقيام بواجب التكاتف والتعاون والتضامن وتقديم ما يمكن حسب المقدرات البسيطة وأن تلعب تجمعات السودانيين بالخارج دورها بالتناغم مع احتياجات الداخل وصلاتها مع منظمات الإغاثة في البلدان التي تعيش فيها.”.
وأضاف: “يصاحب ذلك كله أن تتقدم الأمم المتحدة ووكالاتها وتلحق إعلاناتها المتكررة عن المجاعة بالعمل الجاد والخطوات العملية لإدخال المساعدات الإنسانية باتخاذ كل ما هو ممكن عبر الحدود الغربية والشرقية والشمالية للسودان واستعمال الطائرات لتوزيع المساعدات من الجو. بالطبع لا يمكن وضع حد ومحاصرة الجوع النهائي إلا في وجود سلطة تعبر عن آلام ومعاناة جماهير الشعب السوداني.”.
وبشأن محادثات سويسرا التي تجري حاليا لوقف إطلاق النار في السودان، أكد فضل قائلا: “نثمن الجهود والمحاولات الجادة لإيقاف نيران الحرب الكارثية، نجاح أي مفاوضات في هذا المجال يجب أن تبدأ بتحديد من يقف خلف الحرب ويمد طرفيها بالإمكانيات المادية من أسلحة وذخائر وفصائل بشرية.”.
وقال: “لذا إذا كانت الإدارة الأمريكية جادة في سعيها في وقف إطلاق النار يجب أن تضغط على إيران وتركيا وروسيا وربما مصر لوقف تقديم المساعدات للجنرالات والفلول، ومن الجانب الآخر الضغط على الإمارات وتشاد وبعض دول الساحل الإفريقي لإيقاف المساعدات المادية والبشرية لمليشيا الدعم السريع.”.
وأضاف، الحرب في السودان واستمرارها لأكثر من 14 شهرا يقف خلفها بشكل مباشر التدخل الأجنبي من الدول التي أشرنا إليها، وبجانب ذلك عدم جدية الميسرين الآخرين، بشكل آخر الإدارة الأمريكية والسعودية وربما المنظمات الإقليمية كالاتحاد الأفريقي والإيقاد والاتحاد الأوروبي في التعامل الجدي مع الحرب وتداعياتها الكارثية على الوطن والشعب.”.
وتابع: “المسألة ليست فقط محصورة في مشاركة أو عدم مشاركة هذا الطرف أو ذاك، بل أكثر مما هو مطلوب من كل الأطراف خاصة الأطراف الخارجية التي ظلت تتدخل في الشؤون الداخلية بالسودان لحماية مصالحها أن تعي أن كل يوم يمر على استمرار الحرب يعني المزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.”.
وزاد.. “التعامل بجدية مع كل أطراف الحرب المحليين ومؤيديهم الخارجيين أساسي لوقف معاناة الناس في السودان، وهنا تحتل قضية فتح المسارات وتوصيل المساعدات الإنسانية في زمن المجاعة أهمية قصوى رضى الطرفان أم لا.”.
تعدد المنابر لحل الأزمة
وبشأن تعدد المنابر لحل الأزمة السودانية، أشار فضل قائلا: “تعدد المنابر الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب يعقد الوصول إلى وقف إطلاق النار ويزيد الأزمة عمقا، حيث تختلف المنابر باختلاف البلد المضيف أو البلد المنظم وحتى في اختيار المشاركين وهي تعكس إلى حد كبير مصالح هذه الجهة أو تلك وكأننا في مباراة لتسجيل أهداف إعلامية فقط، بمن استضاف هذه المفاوضات ومن شارك ومن أصدر البيان الختامي وهنا نهاية كل شيء، ليس هناك عمل على الأرض. حتى الآن ذلك ما حدق وحتى اجتماع أديس أبابا الأخير وفشله الذريع في الوصول إلى بيان نهائي يرضي كل المشاركين هذا يؤكد ضعف التحضير لعدم وجود تواصل بين المنظمين والمشاركين حيث تلعب الجهة المضيفة سواء أكانت حكومة أو منظمة عالمية أو إقليمية الدور الأساسي في وضع الأجندة وهيكل البيان الختامي وبالتالي تصطدم هذه المحاولات بقناعة بعض المشاركين، وبالتالي تظهر اختلافات في نهاية هذه المفاوضات.”.
وأضاف: “الشيء الغائب في كل هذه المفاوضات هو الركن الأساسي الموحد للقوى السودانية الجادة لوقف الحرب، وهنا لا بد من الإشارة لأهمية ما تقوم به قوى الثورة بداخل السودان من لجان المقاومة وتحالف التغيير الجذري والجبهة النقابية منفردة في تحمل مسؤولياتها ومحاولات هذه القوى الجارية للوصول إلى رؤية موحدة أي برنامج الحد الأدنى بين الأطراف الثلاثة كأرضية لوحدة شاملة لوقف الحرب واسترداد كافة حقوق الجماهير في الأمن والاستقرار في الوصول إلى تحقيق آمال شعبنا في الديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية”.
عودة الفلول للسلطة
وبشأن عودة العلاقات السودانية الإيرانية قال فضل: “هذا انتصار للفلول للسيطرة الكاملة على القرار السياسي في السودان، وكما تشير بعض التسريبات الفلول يعلنون أنهم في طريقهم للعودة مجددا للسلطة، ويعتبرون مثال أفغانستان هو الأمثل، بالطبع إيران تلعب دورا مخربا في المنطقة ولها أطماع في البلدان المحيطة بالبحر الأحمر خاصة اليمن والسودان، فلا غرابة في عودة العلاقات الدبلوماسية بل واستمرار الدعم العسكري. الطائرات المسيرة الإيرانية وخبراء إيران العسكريين موجودين في السودان.”.
بداية تلاشي الدولة
وحول استمرار النزاع المسلح وهو يقود مستقبلا إلى الحرب الأهلية والانزلاق نحو المجهول، أوضح القيادي الشيوعي قائلا: “الأمثلة واضحة أمامنا من سوريا إلى اليمن إلى ليبيا إلى الصومال، يمكن اختيار أي منها كمثال لما يمكن أن تكون عليه البلاد في المستقبل إذا استمرت الحرب، واستمر التدخل الأجنبي وصارت الحرب أكثر ضراوة حول السلطة والثروة. بداية تلاشي الدولة ظهرت، محاولات تقسيم السودان بدأت بحرب الجنوب والمسلسل مستمر. الحل في يد القوى المدنية الجادة في العمل القاعدي لصيانة وحدة البلاد وهزيمة التدخل الأجنبي أياً كان، والدعوة للنضال لوقف الحرب واسترداد المسار السياسي الديمقراطي السلمي الذي يقود إلى سودان موحد ديمقراطي يسع جميع مكوناته.”.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا لما اوردته الأمم المتحدة.