وسط معاناة ومصاعب عديدة يكافح السودانيين لتوفير متطلبات الحياة اليومية في وقت يواجهون فيه أزمة انقطاع خدمة الاتصالات والإنترنت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، مما ترتب عليها أضرار بالغة، إذ يعتمد غالبية المواطنين على التطبيقات البنكية في تصريف شؤون حياتهم اليومية في ظل خروج معظم البنوك عن الخدمة.
إلى ذلك، فشل عدد كبير من المغتربين في تحويل المساعدات المالية لأسرهم وذويهم في العاصمة الخرطوم وولايات البلاد الأخرى، الأمر الذي فاقم من معاناة السكان وأدي الي نقص في الغذاء والعلاج والاحتياجات اليومية.
أزمة جديدة
وأسهمت الحرب التي اندلعت في الخامس عشر من أبريل الماضي في توقف الأعمال اليومية للمواطنين، كما لم يتقاضي الموظفين في القطاعين العام والخاص رواتبهم لأكثر من (10) أشهر، وأصبح السودانيين يعتمدون على المغتربين في دول الخليج وأوروبا وأمريكا في تسيير شؤون حياتهم اليومية، وعقب توقف خدمة الاتصالات والإنترنت فشل كثيرين في تحويل المساعدات المالية، مما أدى إلى ظهور أزمة جديدة.
قلق وتوتر
المواطن حسين الطيب، أحد الموجودين في مدينة الأبيض قال لـ (مشاوير) إن “توقف خدمة الاتصالات والإنترنت حولت حياة الناس إلى جحيم في عموم البلاد، ونخشي من مجاعة وشيكة حال استمرار الأوضاع على هذا المنوال لأن المواطنين يعتمدون على التطبيقات البنكية في تدبير الحاجات اليومية من الغذاء والدواء وخلافه”.
وأضاف : منذ ثلاثة أسابيع لا أعرف تفاصيل عن ابنائي المغتربين في دول الخليج، كما أنهم وبكل تأكيد يعيشون حالة صعبة لعدم معرفة أحوالنا لجهة أن مدينة الأبيض محاصرة منذ فترة طويلة، وتابع : قرابة الشهر لم تصلنا مساعدات مالية وبات وضعنا معقد للغاية لأننا نعتمد على تحويلات المغتربين في توفير الاحتياجات.
نقص الغذاء
من جهته يشير المواطن الشريف فضل إلى أن “خدمة الإتصالات والإنترنت توقفت في مدينة النهود بولاية غرب كردفان لقرابة الشهر، وهو ما أدى لتفاقم أوضاع المواطنين الذين يعتمدون على تطبيقات البنوك في تبادل الأموال وشراء المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الاحتياجات.
ونوه في حديثه لـ (مشاوير) إلى أن “التواصل مع أهلهم أصبح مفقود بشكل تام، مما ضاعف من القلق والهموم على مصير كثير من المواطنين في ظل تصاعد وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”.
واعتبر أن “توقف خدمة الإنترنت أسهم في ظهور أزمات جديدة من بينها تفاقم الأوضاع المعيشية وعدم قدرة الغالبية على توفير الغذاء والأدوية للمرضى.
الحاجة للعلاج
الفاتح سعد، أحد الموجودين في مدينة الدلنج قال لـ (مشاوير) : نعاني منذ فترة طويلة من أزمة انقطاع خدمة الإتصالات والإنترنت التي نعتمد عليها في تبادل الأموال لشراء الاحتياجات اليومية من مواد غذائية وصحية.
وأضاف: فشلت في التواصل مع أبني الذي يقيم في دولة الكويت قرابة الشهر، وبسبب ذلك تعقدت أوضاع أسرتي المعيشية ولم نعد قادرين على توفير الوجبات اليومية، وتابع: لدينا مرضى في العائلة ونعتمد على تحويلات المغتربين من أجل شراء الأدوية، وحالياً لا نملك أموال كافية، وحال نفاد العلاجات الموجودة يمكن أن تحدث كارثة ومضاعفات لمرضى السكري والكلى في الأسرة وقد تصل للموت.
مصير مجهول
شاكر سليمان، أحد المغتربين في المملكة العربية السعودية قال لـ (مشاوير) : منذ قطع خدمة الاتصالات لم اتواصل مع أسرتي في مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة واخشي عليهم كثيراً في ظل الوضع الأمني المعقد حالياً خصوصا مع تزايد انتهاكات قوات “الدعم السريع”.
وأشار إلى أن “أسرته تعتمد عليه في تسيير شؤون المنزل وتوفير الاحتياجات اليومية من الغذاء والدواء، وظل يرسل الأموال بصورة شهرية، لكن توقف التطبيقات البنكية جعله في حيرة من أمره وبات قلقاً على أوضاع أسرته.
ولفت إلى أن “دخول قطاع الاتصالات ضمن أدوات الصراع المسلح من قبل طرفي الحرب يمثل انتهاكاً للقوانين الدولية ويسهم في تجويع آلاف المواطنين ويؤدي إلى وفاة المرضى حال استمرار الوضع على ما هو عليه”.
تخوف وقلق
وبدوره أبدى سيف الدين محمد المقيم بسلطنة عمان اسفه للحال الذي وصل إليه السودان بسبب الحرب وما ترتب عليه من معاناة للمواطنين. وقال لـ (مشاوير) إنه فقد التواصل مع أسرته منذ أكثر من (20) يوماً في مدينة الخوي بولاية غرب كردفان بسبب قطع خدمة الاتصالات والإنترنت.
وأوضح أن والده قطع مسافة طويلة ليصل إلى أحدي الأسواق قبل ثلاثة أسابيع لكي يتحدث معه في منطقة يوجد فيها جهاز (ستار لينك)، وقبل أن يكمل حديثه معه انقطع الاتصال.
وأشار إلى أن والدته وشقيقته يعانيان من أمراض تحتاج إلى علاجات مستمرة بخلاف الاحتياجات اليومية لأسرته، مؤكداً أنه يقوم بتحويل مبالغ مالية شهرية لعائلته، لكن توقف التطبيقات البنكية جعله في حيرة من أمره ولا يدرك ما آلت إليه أوضاع أسرته في الوقت الحالي.
شل حركة الاقتصاد
الخبير الاقتصادي محمد الحافظ آدم قال لـ (مشاوير) إن استمرار انقطاع خدمة الاتصالات سيشل حركة الاقتصاد ويأزم الأوضاع، فضلاً عن أرتفاع الأسعار بشكل جنوني وهو ما يقود نحو منعطف المجاعة بسبب انعدام الأمن الغذائي.
وأضاف: توقف المعاملات المالية والتحويلات البنكية يقود إلى خلل كبير في الحركة التجارية بالأسواق في العاصمة الخرطوم والولايات.
وطالب الخبير الاقتصادي بضرورة حل الأزمة بصورة سريعة من أجل المحافظة على الوضع الاقتصادي الحالي حتى لا تنحدر البلاد إلى منعطف المجاعة الكامل.