قال مركز رصد النزاعات المُسلحة ” اكليد ” إنه منذُ إندلاع الحرب بين الجيش وقوات ” الدعم السريع” في 15 أبريل الماضي تم تسجيل أكثر من (2800)حالة عُنف مُرتبط بالصراع وإن أكثر من (10400) حالة وفاة مرتبط بالنزاع الجاري في السودان في الفترة من 30سبتمبر إلى 27 أكتوبر، وتم الإبلاغ عن أكثر من (420)حادث عُنف سياسي في هذه الفترة فقط ؛ وأكثر من (1270) حالة وفاة.
ويهتم المركز برصد النزاعات المسلحة في العالم أجمع ، حيث يقوم بجمع بيانات أحداث العُنف حول العالم وتوقُع سيناريوهات الحرب.
وبحسب تقرير ” ACLED ” في 3 نوفمبر الحالي فإن ولاي الخرطوم سجلت أعلى نسبة أحداث عُنف في البلاد. حيث قُتل مابين ” 300 ” إلى ” 800 “. تلتها ولاية جنوب دارفور غربي البلاد حيث بلغ عدد الوفيات حوالي ” 220 ” ومايُقارب من ” 30 ” حادث عُنف سياسي.
أشكال العنف التي إرتكزت في ولايتي الخرطوم ونيالا هي عمليات القصف المدفعي والطيران الحربي. تلتها الانفجارات وأحداث العُنف عن بعد بأكثر من “190” مقارنةً بالأسابيع السابقة التي شهدت تصاعد أعمال العُنف حيث سُجلت بنسبة 17% حيث شهدت أحداث العُنف الجديدة إنخفاضًا وصول إلى نسبة 14% في الانفجارات والعُنف عن بعد.
الدعم السريع تُبسط سيطرتها تزامنًا مع استئناف مفاوضات ” جدة “.
افاد التقرير انه بعد مرور ستة أشهر على إندلاع الصراع بين الجيش وقوات ” الدعم السريع ” في الخرطوم توسع الصراع تدريجيًا من الخرطوم إلى ولايات دارفور. حيث سيطرت قوات ” الدعم السريع” مع المليشيات المُتحالفة معها على اغلب الحاميات العسكرية للجيش ، وجذب نقل الصراع في دارفور جهات فاعلة جديدة حيث إختارت تلك الجماعات القتال إلى جانب قوات ” الدعم السريع ” .
وتناول التقرير فشل محادثات ” جدة ” بين الجيش وقوات ” الدعم السريع ” لإيقاف القتال ، حيث فشلت تسعة إتفاقات لوقف إطلاق النار منذُ أبريل بسببىى الانتهاكات المُتكررة.
وفي 26 أكتوبر تم استئناف المحادثات بين الطرفين ، حيث توصلا لإتفاق وصول المساعدات الإنسانية على ان يتفقا لاحقًا على وقف شامل لإطلاق النار. وأشار التقرير الى جهود الجهات المدنية الفاعلة لإنهاء الحرب في الوقت ذاته تبدُو أحزاب النزاع غير رافضة لتلك الجهود.
وأشار التقرير انه في خضم بدء محادثات ” جدة ” لإنهاء الحرب إستولت قوات ” الدعم السريع ” على ثاني أكبر مدينة في السودان نيالا يوم 26 أكتوبر. كما إجتاحت ” الدعم السريع ” حقل بليلة النفطي في ولاية غرب كردفان ، وسيطرت على الفرقة ” 21 ” مشاة في زالنجي في 30 و 31 أكتوبر.
وتُشير التقارير إلى شن جماعات مسلحة ومليشيات غير مشاركة في محادثات ” جدة ” هجماتها العسكرية. وأضافت ان كل جماعة لديها أجندتها المُستقلة. تعكس هذه التطورات ان الحرب أصبحت مُتشابكة بشكل متزايد مع بُروز الصراعات العرقية في البلاد.
المعركة من أجل الخرطوم
وفقًا للتقرير منذُ بداية الصراع ركزت قوات ” الدعم السريع ” جهودها الحربية نحو القواعد العسكرية للجيش في مناطق العاصمة الثلاث مع توسيع سيطرتها على شارع النيل و المناطق جنوب و شرق الخرطوم .وأضاف التقرير ان قوات ” الدعم السريع ” تُسيطر على مساحات كبيرة داخل مُدن البلاد الثلاث.
أشار تقرير مرصد النزاعات إنه في الفترة من 30 سبتمبر إلى 27 أكتوبر سجلت الخرطوم أعلى نسبة مواجهات مسلحة في 129 منطقة بما في ذلك منطقة جبل سلطنة وقاعدة المدرعات العسكرية ومقر القيادة العامة للجيش وأراضي المخيمات والمدينة الرياضية على وجه الخصوص. كما شهدت منطقة جبل أولياء قصفا مدفعيا عنيفا من قوات ” الدعم السريع ” على القيادة الجوية للجيش وهو موقع استراتيجي بالقُرب من الحدود الجنوبية للخرطوم وولاية النيل الأبيض. أسفر الصراع المُسلح في قاعدة جبل أولياء على سيطرة قوات ” الدعم السريع ” على الجانب الغربي ، فيما ظل الجيش مسيطرًا على الجانب الشرقي الذي يضم قاعدته الجوية.
وفي بداية سبتمبر أغلق الجيش الطريق الرئيسي في جبل أولياء الذي يربط شمال كردفان والخرطوم، حيث يعتبر طريق جبل أولياء مُهما من الناحية الاستراتيجية لقوات ” الدعم السريع ” لتطويق مدينة كوستي ومهاجمة المدينة من الجانبين – أم روابة في شمال كردفان وجبل أولياء في الخرطوم. ولإستعادة قوات ” الدعم السريع ” السيطرة على هذا الطريق بدأت القوات المُتمركزة في معسكر ” طيبة العسكرية ” تطويق جبل أولياء.
في 6 و 7 أكتوبر قصفت قوات ” الدعم السريع ” جبل أولياء وقاعدة النجومي الجوية مما أسفر عن مقتل مالايقل عن (118) مدنيًا وإصابة ( 600) آخرين. وتسبب القصف العنيف في منع القوات المسلحة السودانية من كسر حصار على قاعدته لإرسال التعزيزات العسكرية.
وفي خضم الاشتباكات المسلحة التي شهدتها منطقة جبل أولياء استمرت أعمال العُنف بين الجيش وقوات ” الدعم السريع ” في المناطق الجنوبية والشرقية في الخرطوم.و قد أدت الضربات الجوية على مواقع قوات ” الدعم السريع ” في المدينة الرياضية وأرض المعسكرات إلى نفاد ذخيرة القوات المسلحة لتشن قوات ” الدعم السريع ” هجومًا على سلاح المدرعات الخاص بالجيش أسفر عن مقتل عدد من ضباط القوات المسلحة بمن فيهم اللواء أيوب مصطفى لتبسط ” الدعم السريع ” سيطرتها على ” سلاح المدرعات “. ورجح التقرير ان تسيطر قوات ” الدعم السريع ” على جسر ” الفتيحاب ” الرابط بين الخرطوم –و أم درمان.
وكشف التقرير عن تزايد إعتماد الطرفين على القصف المدفعي وضربات الطائرات التي تسببت بخسائر في صفوف المدنيين في أم درمان خاصةً في منطقة ” سلاح المهندسين ” ومنطقة ” كرري العسكرية “.
وتناول التقرير القتال الذي إندلع في الفترة بين 5 و 6 أكتوبر على منطقة العيلفون شرق النيل الذي احكمت فيه قوات ” الدعم السريع ” سيطرتها على المنطقة. فيما أشار الى استحواذ الدعم السريع على منشأة ” Pabcoo” لشركة PS4 النفطية التي تنقل نفط جنوب السودان إلى بورتسودان. لاحقًا تم إغلاق مسارات النفط من قبل قوات الدعم السريع.
أمّا في جنوب الخرطوم فقد سيطرت قوات ” الدعم السريع ” على محلية الكاملين شارع الجزيرة على الضفة الغربية للنهر. وامتد انتشار قوات الدعم السريع حتى مخطط الجزيرة الزراعي في ست قرى ، وتمكنت قوات الدعم السريع من قطع طريق حيوي إعتمدت عليه القوات المسلحة لتأمين إمداداتها إلى منطقة شارع النيل في ولاية الخرطوم.
في ولاية النيل الأبيض، ارتفعت التوترات بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية بعد أن نشرت قوات ” الدعم السريع ” قوتها في جميع أنحاء منطقة ” العقليات ” على الجانب الغربي من ولاية النيل الأبيض. انسحبت قوات الدعم السريع من المنطقة في 15 أكتوبر بعد اجتماعها مع القادة المحليين. ردا على نشاط قوات الدعم السريع في منطقة ” العقليات ” لاحقًا نشرت القوات المسلحة السودانية قواتها عبر الدويم على الجانب الشرقي من النيل الأبيض.
قوات الدعم السريع تسيطر على نيالا
اندلعت مواجهات عسكرية بين القوات المسلحة السودانية و قوات ” الدعم السريع ” في ولاية جنوب دارفور أُستخدمت فيها ضربات بطائرات بدون طيار وضربات جوية من قبل كليهما في العاصمة نيالا.. في الوقت نفسه، اشتدت الاشتباكات التي شاركت فيها المليشيات العرقية المرتبطة بجيش تحرير السودان في منطقة “برام ” في ولاية جنوب دارفور.
وأشار التقرير إنه أوائل أكتوبر، عززت قوات ” الدعم السريع ” وجودها بشكل كبير في مدينة نيالا من خلال حشد المقاتلين من ولايات وسط وغرب وشرق دارفور بغرض السيطرة على قيادة الفرقة 16 مشاة التابعة للقوات المسلحة السودانية. وقد أتاح وقف إطلاق النار المؤقت، الذي اقترحته الإدارات المحلية في 10 أكتوبر، فترة راحة قصيرة. ومع ذلك، استؤنف القتال في 23 أكتوبر حيث تركزت الاشتباكات في أحياء الكونغو والخرطوم بالليل.
في 24 أكتوبر قال التقرير ان قوات الدعم السريع احكمت سيطرتها على أحياء متعددة والقسم الغربي من مقر فرقة المشاة السادسة عشرة، ولكن في اليوم التالي، ادعت القوات المسلحة السودانية أنها استعادت هذه الأراضي التي تم الاستيلاء عليها.
ومع ذلك، في 26 أكتوبر، اجتاحت قوات الدعم السريع قاعدة فرقة المشاة السادسة عشرة التابعة للقوات المسلحة السودانية وسيطرت على مدينة نيالا. كانت القاعدة ذات أهمية خاصة بالنسبة للقوات المسلحة السودانية لأنها تضم عنصرا محوريا من قيادة المنطقة الغربية في دارفور. تضمنت هذه الفرقة كتائب مختلفة، مثل المدفعية والمهندسين والأفراد المدرعين.
وأفاد التقرير ان قوات ” الدعم السريع ” اشتبكت مع ” تجمع قوى تحرير السودان وهو فيصل من حركة جيش تحرير السودان – جناح الطاهر حجر بالقرب من ” سوق الجنينة ” في شمال غرب نيالا بعدما هاجمت الدعم السريع مقر المجموعة في 19 أكتوبر واستمرت المناوشات حتى 24 أكتوبر.
ولاية شرق دارفور
وفي شرق دارفور مدينة الضعين افاد التقرير ان قوات الدعم السريع اشتبكت في 3 أكتوبر مع مليشيات مجتمعية في منطقة عديلة فور وصول قوة من الخرطوم الى المنطقة بعد تقارير عن نزاع داخل قوات الدعم السريع، وفور وصول القوة رفضت الإدارة الاهلية دخولها بعتادها الى المحلية وإقترحت الإدارة الاهلية تخزين المعدات خارج المدينة وهو مارفضه قادة الدعم السريع مما ادى الى اشتباكات مسلحة بينهما.
وفي 18 أكتوبر استولت قوات ” الدعم السريع ” على عربات و تعزيزات عسكرية تابعة للجيش في الضعين وهو ماترتب عليه توتر وصل حد المواجهة حينما ارادت القوات المسلحة إسترداد معداتها بالقوة ، لكن الإدارات الاهلية في المدينة تدخلت وقامت بإعادة العربات إلى قيادة الجيش.
وبعد هذه الحادثة قالت قوات ” الدعم السريع ” إنها سيطرت على القاعدة العسكرية في مدينة الضعين لكن – لاتزال القوات المسلحة داخل قياداتها العسكرية.
ولاية وسط دارفور
شهدت ولاية وسط دارفور _ زالنجي_ معارك عنيفة بين الطرفين. حيث أورد التقرير زيادة حدة المعارك في الفترة من 30 سبتمبر وحتى 27 أكتوبر بنسبة تُقدربـ”56″ مقارنةً بالأسابيع الماضية . حيث إندلع اشتباك مسلح بين الطرفين في 31 أكتوبر . لاحقًا أعلنت قوات الدعم السريع بسط سيطرتها على القاعدة العسكرية بمدينة زالنجي قيادة الفرقة 21 مشاة . وكثفت قوات الدعم السريع قصفها على مخيم الحميدية وهيس للنازحين مما أدى إلى تزايد النُزوح بعدما شهدت المدينة ظروفًا إنسانية بالغة التعقيد.
علاوة على ذلك اوردت تقارير عن توسع رقعة الاشتباكات القبلية بين قبيلة ” السلامات ” وقبيلة ” بني هلبة” في ” مكجر” و ” بندس ” في ولاية وسط دارفور. وأشار التقرير ان الاشتباكات بدأت بعد حادثة نهب في مايو . تطور الصراع بين القبيلتين بعدما إنضم أعضاء من قوات ” الدعم السريع ” إلى القتال بجانب أهلهم ” السلامات – بني هلبة” .
سعى قائد ثاني قوات ” الدعم السريع ” للتوسط لعقد صُلح بينهما برفقة قائد مجلس الصحوة الثوري موسى هلال الذي يمتلك نفوذا في المنطقة – لكن مساعي الصُلح باءت بالفشل حيث رفضت قبيلة ” البني هلبة ” مشاركة عبدالرحيم دقلو في عملية الصُلح.
إندلاع القتال العرقي في كردفان
شهدت جنوب كردفان مواجهات مكثفة بين الجيش والحركة الشعبية – شمال. وتشير التقارير إلى وقوع اشتباكات بين الجيش والحركة الشعبية – قطاع الشمال في مناطق متعددة ، حيث بدأ القتال في مناطق بين ” كادوقلي ” ودلينغ وتحديدًا في قُرى ” التاكاما ” و” الفاراجيل” و ” كاركاريا ” وتمدد الصراع إلى قرية ” دامبا ” غرب كادوقلي.
وفي خضم هذه الاضطرابات ظهرت اشتباكات مسلحة جديدة بين قبيلة ” الحوازمة ” التي تتبع إلى فصائل البقارة مع قبيلة النوبة في مدينة ” الدلنج ” في 24 و 25 أكتوبر. وأوضح التقرير ان قبيلة النوبة مدعومة من الحركة الشعبية قطاع الشمال، بينما قبيلة الحوازمة تمت تبعيتها ” لقوات الدفاع الشعبي ” في عام 2012.عندما استئناف الصراع بين الجيش والحركة الشعبية في ذات العام.
إزاء هذا التصعيد تدخلت الإدارة الاهلية في الدلنج ليتم التوصل الى إطلاق سراح العديد من الأسرى الذين كانت تحتجزهم قبيلة الحوازمة. وتم تشكيل لجنة من الطرفين لرصد ومتابعة ما أُتفق عليه.
وأشار التقرير الى ان تزايد الديناميات العرقية يعمل على زيادة حِدة العنف القائم في المنطقة ، وأضاف انه من المُرجح ان تستمر الاضطرابات لاسيما – وان محادثات وقف إطلاق النار في” جدة “لاتشمل الحركة الشعبية – قطاع الشمال.
وأورد التقرير انه في خضم استعار الاشتباكات بين الجيش ” وقوات الدعم السريع ” وسيطرة قوات الدعم السريع على أغلب القواعد العسكرية في دارفور فإنه من المُرجح ان تخضع ديناميات الصراع في السودان إلى تحول كبير يلوح في الأُفق لصالح قوات الدعم السريع بعد بدء محادثات جدة. في حين أورد التقرير ان وضع الجماعات المسلحة الأخرى بما يجري في دارفور لايزال غير واضح. وختم التقرير ان المليشيات العرقية والمجموعات المسلحة الأخرى لها أهداف وربما تُشكل تلك الأهداف المتضاربة مزيدا من التعقيدات ما لم تتم معالجتها عسكريًا وسياسيًا.