قبل سنوات تبادل السودانيون وعلى سبيل السخرية مقطع فيديو لسودانية مقيمة في الامارات تسخر فيه من سلوك رجال الشرطة السودانية وتردد عبارة “البلد دي حضرانة” في اشارة لما قالت عنه التزام بالقانون؛ المفارقة ان السيدة اربجي التي كانت تطلق لسانها ضد الشرطة السودانية وتلاحقها ألسنة آخرين باتهامات انها تقلل من قيمة والتزام السودانيات هي نفسها السيدة التي ترفع لواء دفاعها عن القوات النظامية ولا تخفي مناصرتها للجيش في معركة الكرامة ضد قوات الدعم السريع.
في الحرب يهبط الانسان بقيمه نحو “الحيوانية” حيث يقتل ويسلب وينهب دون أن يبالي , وفي حرب العبث السودانية التي تجاوزت عامها الأول . في خضم غياب الحقيقة “أول ما اغتالته الحرب” وفقاً لتصريحات نقيب الصحفيين السودانيين عبد المنعم ابو إدريس يصعد “الهبوط” كأحد التجليات البارزة في الحرب الآن
ان اردت تعريفا لرب ابريل السودانية فهي حرب الكذب وفي الوقت نفسه حرب الهبوط وفي كل شئ , حسناً لنمضي معاً في جولة اسفيرية وفي وسائط التواصل الاجتماعي لمعرفة من يصنعون الرأي العام أو لمعرفة أبطال الواقع السوداني في لحظته الراهنة .
مرحباً بكم في مواجهة “البل والجغم” مرحباً بكم في ميدان “كيكل وقجة وعجال لاقن وفي معركة التوم هجو والبيشي ” مرحباً بكم في عالم “اللايفاتية” أناس اعقل من فيهم “ابو رهف” الذي لم تمنعه برودة اجواء كندا من ان يأتيكم وقد خلع عنه قميصه .
مرحباً بكم في سودان النشيد وهنا المقصود ليس نشيد العلم السلام الجمهوري الذي كان هو نشيد الجيش مرحباً بكم في سودان “براؤون يا رسول الله” نشيد الإسلاميين الذي تردده “القونات” فنانات الغناء الهابط مرحباً بكم في هيئة التوجيه المعنوي التي يقودها الفنان “كايرو” ولا مزيد من الشرح فقط عليك ان تذهب لمحرك البحث لمعرفة من هو كايرو وماهية غنائه ؟
في سودان الهبوط يمكنك ان تقرأ بوستا محتشدا بالأخطاء الاملائية لكاتبة تصدر من خلاله تعليماتها لقائد الجيش نائبه ومساعديه دون ان يرمش لها جفن وان ترفع حاجب دهشتك وانت تتابع المعلقين المبهورين بمقدرات الأستاذة الكبيرة في سودان الهبوط! عادي جداً أن تضع فنانة خطة تحرير مدني من على صفحتها بالتيكتوك
وتتجلى قمة الهبوط مع الشبح سودان الانصرافي الرجل الذي يمتلك القدرات الخارقة هو وحده القادر على هزيمة الجنجويد وإنهاء قحت من الوجود هو وزير التخطيط العمراني لاعادة الإعمار ومسؤول المحلية القادر على ان يفتتح مخبزا ويوفر لصاحبه كوتة الدقيق ويعيد مستشفى مغلقاً للعمل ويقنعك من منفاه الامريكي بالعودة لامدرمان وان صوت الدانات وضرباتها لن تقتل إلا الجبناء؛ يفعل كل ذلك دون أن يظهر وجهه . في سودان الهبوط يمكنك ان تشاهد مهرجانات الجيش لتكريم الشبح ومن كراماته أنه وفي العام 2024 اعاد الانصرافي التلفزيون القومي السوداني لكونه مجرد رادي يستضيفه بالصوت فقط والمذيع في قمة انبهاره بالنجم المختفي.
في سودان الانصرافي واربجي وكايرو وجلحة وقونات الأناشيد والصحفيون الذين يغمسون اقلامهم في دماء شعبهم دون احساس بالذنب عادي أن ترى أحدهم وهو يضع قدمه على جمجمة ميت وان ترى الجنود وهم ينزلون بسياطهم على ظهور الشيوخ وان تشاهد أحدهم وهو يكاد يلتهم احشاء ميت اثناء ترديده “الله أكبر “.. في سودان الهبوط ليس أمامك غير ترديد عبارة هبوط أخرى ” ياناس قولوو كووور” فليس من بعد قاع الحرب من شئ.