تضارب التصريحات بين جنرالات حكومة بورتسودان ووزارة خارجيتهم؛ حول استئناف مفاوضات منبر جدة بشأن وقف إطلاق نار طويل الأمد، والالتزام بعملية إنسانية شاملة ، تشير إلى أن هناك مساعٍ موازية بدأت في تشكيل منابر جديدة متجاوزة منبر جدة برعاية المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية.
فالمبادرة المصرية لجمع الفرقاء السودانيين نهاية يونيو الجاري ، والتي رحبت بها القوى السياسية المدنية بتياراتها المختلفة . وعلى الرغم من أن الخارجية المصرية قد أشارت ضمنا بأن المبادرة تكملة لما توصل إليه منبر جدة ، بيد أن مراقبين سياسيين يرون بأن المبادرة المصرية تعد منبرا جديدا للأزمة السودانية.
وكشفت مصادر صحفية محلية في بورتسودان عن وجود ثلاثة زعماء اهليين ينتمون للحاضنة القبلية لمليشيا الدعم السريع ، يجرون مباحثات مع جنرالات الجيش لتقريب وجهات النظر ، مما يفتح الباب واسعا لامكانية إيجاد حلول محلية لوقف القتال .
في ذات الاطار دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، الجمعة، الطرفين المتحاربين في السودان إلى استئناف المفاوضات في مدينة جدة السعودية، ووقف القتال دون شرط.
وقال فكي، في بيان صادر أمس الجمعة بأديس أبابا تلقت( مشاوير) نسخة منه : “أشعر بالقلق رغم الجهود العديدة التي يبذلها المجتمع الدولي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين، فإن الوضع في السودان استمر في التدهور، وأدى إلى الجوع الحاد وحتى المجاعة في أجزاء مختلفة من السودان، مما يهدد حياة الناس بل ملايين المدنيين”. وتابع: “أدعو الطرفين المتحاربين، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى العودة فوراً إلى منبر جدة، وإنهاء القتال دون قيد أو شرط، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى السكان المحتاجين”.
وترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/ أيار من العام الماضي محادثات بين الجيش و”الدعم السريع”، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات.
من جانبها كشفت وزارة الخارجية السعودية، ان الوزير فيصل بن فرحان بن عبدالله، تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أنتوني بلينكن قبل ثلاثة أيام . وبحث الوزيران خلال الاتصال آخر التطورات في ملف السودان، بحسب ما أوردت الخارجية السعودية عبر حسابها الرسمي في موقع “إكس”.وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية ترعى مع السعودية منبر جدة الرامي لوقف إطلاق النار في السودان، والذي انطلق في مايو من العام الماضي، عقب اندلاع الحرب في السودان والتي تدخل الآن عامها الثاني.وكانت المفاوضات علقت في وقت سابق بعد انهيار ما يقارب الـ (11) هدنة بين طرفي النزاع، وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن الاختراقات التي تحدث بالتزامن مع إعلان كل هدنة، وتشير تقارير إلى أن الميسرين قاما بتعليق المفاوضات بعد أن أعلن الوفد الحكومي تعليق مشاركته في المفاوضات، وذلك لعدم التزام الدعم السريع بالشروط المقرر تنفيذها داخل الهدنة، والمتمثلة في الخروج من المستشفيات ومنازل المواطنين ومرافق المياه والكهرباء.
و ذكر المبعوث الامريكي للسودان توم بيريللو في تصريحات لمجموعة من الحقوقيين والسياسيين السودانيين ان طرفي الصراع حتى الآن يلتزمان بوعدهما للذهاب إلى منبر جدة، وقطع أن الحل المطروح عبر منبر جدة لن يسمح بعودة قيادات الجيش والدعم السريع و المؤتمر الوطني إلى الحكم مرة أخرى .
وقالت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، أنيت فيير، إن «منبر جدة» بشأن السلام في السودان يُعدّ «المنصة الرئيسية لكل الجهود»، مطالبةً بالعودة إلى المحادثات، وأقرَّت بأن هناك أطرافاً خارجية «تعمل على امداد الدعم بالأسلحة»، لكنها تحفظت بشأن إعطاء مزيد من التفاصيل.
واضافت فيير لصحيفة الشرق الأوسط، إن الأمور «ساءت بشكل أكبر، خلال الأسابيع الماضية، وانتشر الدمار في عموم البلاد».