
بعد مضى نحو شهرين على إعلان ميلاد تحالف السودان التأسيسي “تأسيس” والتوقيع على الدستور الانتقالي، إيذاناً بإعلان تشكيل حكومة موازية أو ما يسمى حكومة السلام والوحدة، أعلنت عدد من أحزاب وتنظيمات التحالف اقتراب موعد تشكيل الحكومة الجديدة، خصوصاً بعد اكتمال المشاورات بين المكونات المختلفة، لا سيما الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.
في حين أعلن قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” في خطابه المسجل الأخير قيام حكومة السلام والوحدة”، مشيراً إلى أنها تمثل “الوجه الحقيقي للسودان.
وقال حميدتي، “نؤكد بفخر قيام حكومة السلام والوحدة – تحالف مدني واسع يمثل الوجه الحقيقي للسودان، ويجمع جميع القوى المدنية والسياسية السودانية والجبهة الثورية السودانية والمجتمع المدني والمنظمات الإنسانية والحركات الشبابية ولجان المقاومة، وقعنا ميثاقاً سياسياً ودستوراً انتقالياً تاريخياً لسودان جديد.
الحكومة السودانية ترفض
في المقابل، رفضت الحكومة السودانية بشكل قاطع مساعي تشكيل حكومة موازية في السودان، وأكد وزير الإعلام والثقافة والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، خالد الإعيسر، أن “الحكومة الموازية “لن تجد الاعتراف بها من أي جهة”. وأضاف “الشعب السوداني لن يقبل بحكومة تأتي من قوات “الدعم السريع” التي ارتكبت انتهاكات واسعة بحقه.
توفير الحقوق الدستورية
على صعيد متصل، قال القيادي بتحالف السودان التأسيسي “تأسيس” ورئيس حركة “العدل والمساواة” المنشقة سليمان صندل إن “من أهم مهام الحكومة الجديدة استرداد التحول المدني الديمقراطي، واستعادة ثقة السودانيين في ثورتهم وإعادة السلطة للشعب ليختار من يمثله، فضلاً عن إنهاء ظاهرة تعدد الجيوش والعمل على تأسيس جيش وطني جديد ومهني واحد يعبر عن كل السودانيين ويحمي البلاد وسيادتها.
وشدد صندل على أن حكومة السلام الانتقالية ستقوم بصيانة وتوفير الحقوق الدستورية لجميع المواطنين من دون أي تمييز، وتمكينهم من التمتع بجميع حقوقهم الأساس في الصحة والتعليم والأمن والحصول على أوراق الهوية الثبوتية.
مخاوف دولية
على الصعيد نفسه، يرى المتخصص في العلاقات الدولية نادر حسين أن هناك مصاعب عدة تواجه إعلان التشكيل الفعلي للحكومة الموازية، بواسطة أطراف ميثاق تحالف السودان التأسيسي في ظل تجدد الرفض الأممي والدولي والإقليمي، الذي قد يقود إلى عزلة تلك الحكومة بعدم حصولها على الاعتراف الإقليمي والدولي اللازمين لتقبل وجودها الشرعي ضمن أسرة المجتمعين.
ولفت إلى أن المخاوف الدولية والإقليمية المتحفظة والرافضة لقيام حكومة ثانية “موازية” للسلطة الحالية في السودان تبدو حقيقية ومنطقية، خشية أن يقود وجود حكومتين متنازعتين ومتحاربتين إلى تعريض البلاد للانقسامات الجهوية والجغرافية وينتهي بتفكيك وحدتها.
معينات النجاح
من جهته يقول الصحافي والمحلل السياسي الجميل الفاضل لمنصة (مشاوير) إن “الاعتراف الدولي الحقيقي بالحكومة الجديدة يتمثل في المحيط الأفريقي من دول الحدود المشتركة ذات التأثير مثل كينيا، وإثيوبيا وجنوب السودان، وحال اعتراف الدول المذكورة سيحدث نجاح كبير.
وتوقع الفاضل أن “يتم تشكيل الحكومة قبل نهاية شهر أبريل الحالي لتبدأ مهامها في غرب السودان، خصوصاً بعد الترتيب لتكوين المؤسسات في إقليم دارفور ونشر الشرطة على نطاق واسع.
وأشار الفاضل إلى إمكانية نجاح حكومة السلام والوحدة بخاصة بعد انضمام الحركة الشعبية بقيادة الجنرال الحلو، فضلاً عن أحزاب أخرى ذات ثقل جماهيري مثل حزب الأمة القومي بقيادة فضل الله برمة ناصر، ورئيس القطاع السياسي بـ”الحزب الاتحادي الأصل” إبراهيم الميرغني، ورئيس حزب الأسود الحرة بشرق السودان مبروك مبارك سليم، ورئيس مؤتمر البجا المعارض أسامة سعيد، وتشكل هذه الأحزاب إضافة نوعية، مما يكسب الحكومة الجديدة بعداً قومياً من مختلف مناطق السودان.
ولفت الصحافي والمحلل السياسي إلى أن “نجاح الحكومة الجديدة مرتبط باحلال الأمن، وإذا نجحت الجهود في بسط الأمن ستكون حققت اختراقاً كبيراً، كما أن وجود الموارد في إقليمي دارفور وكردفان تمثل قوة دفع كبير، لكن تلك الخطوات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبعد عن الفساد في الدولة وممارسة الشفافية المالية. ونبه إلى أن “الدستور العلماني يسهم في التقارب مع الدول الخارجية وتوسيع دائرة الاعتراف بالحكومة الجديدة.
الإدارة الأهلية ترحب
في دارفور رحب ملتقى كبير للإدارات الأهلية والقيادات القبلية بحكومة السلام والوحدة الوطنية المرتقبة والمبادرات الوطنية والإقليمية والدولية الهادفة إلى تحقيق السلام وإنهاء الحرب، إذ وقع القادة الأهليون في نهاية الملتقى بمحلية السلام على وثيقة عهد وميثاق بين الإدارات الأهلية ومكونات المجتمع المدني، برعاية قائد “الدعم السريع” وإشراف المستشار العام للإقليم النذير يونس أحمد مخير، ورئيس الإدارة المدنية في ولاية جنوب دارفور يوسف إدريس يوسف، بحضور المستشار العام لقوات “الدعم السريع” داخل الإقليم ورؤساء الإدارات المدنية ولجان أمن ولايات الإقليم.
وأكدت الوثيقة وحدة الحفاظ على وحدة السودان أرضاً وشعباً ودولة، وتعزيز التعايش السلمي والسلم الاجتماعي بين مكونات ومجتمعات دارفور، ومناهضة خطاب الكراهية وملاحقة المتفلتين عبر الجهات الأمنية ومحاربة الظواهر السالبة في المجتمع.
وعدَّ المجتمعون الميثاق خطوة مهمة في سبيل تعزيز جهود التهدئة والاستقرار داخل إقليم دارفور، خلال وقت يمر فيه السودان بمرحلة حرجة تستدعي توحيد الجهود المجتمعية والرسمية من أجل إحلال السلام المستدام.