تقارير

الصحافيات السودانيات: استهداف ممنهج وثمن باهظ في زمن الحرب

مشاوير - تقرير - منهاج حمدي

منتدى الاعلام السوداني الخرطوم في 3 مايو 2025م

دفعت الصحافيات السودانيات أثماناً باهظة من حياتهن وأمنهن ومعيشتهن على مدى عامين من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ أبريل 2023. وظلت التهديدات تلاحق العاملات في الحقل الإعلامي بصورة منتظمة، وغابت حرية الصحافة بصورة كاملة من فرط التدخل والمنع من قبل طرفي الصراع، إلى جانب تجاهل مواد القانون الدولي الإنساني التي تضمن التنقل وممارسة المهنة في حالات الحرب كخط دفاع أول ضد الانتهاكات الجسيمة في حق المدنيين.

ونتيجة لهذه الأوضاع، تعرضت الصحافيات للترهيب في مناطق ومدن عدة. وخلال شهر أبريل الماضي، اعتقلت السلطات في ولاية كسلا شرق السودان الصحافية امتثال عبد الفضيل لثلاثة أيام ومنعتها من السفر إلى الخارج في انتهاك صارخ لحرية الصحافة المكفولة بالدستور والقوانين والمعاهدات الدولية.

 

حوادث وانتهاكات

وبحسب نقابة الصحافيين السودانيين، ارتفع عدد الصحافيات اللواتي تم اغتيالهن منذ بداية الحرب إلى (5) صحفيات، وبلغت مجمل الاعتداءات الجسدية والإصابات بين الصحافيات (4) حالات، ووصل ضحايا إطلاق النار إلى (11) صحفية.

في حين تعرضت (12) صحفية للاعتقال دون أوامر قانونية واضحة، وغالباً ما يكون ذلك بسبب العمل الصحفي، أو كتابات منتقدة للسلطة أو الجيش أو قوات “الدعم السريع”.

 

تدهور مستمر

في السياق، أوضحت سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين السودانيين إيمان فضل السيد أن “أوضاع الصحافيات في تدهور مستمر منذ اندلاع الحرب، وتأخذ المعاناة صوراً مختلفة من توقف المؤسسات إلى الاستهداف، مما أدى إلى ضعف التغطية الإعلامية للحرب نظراً إلى عدم وجود مراسلين حربيين في الصحف والإذاعات السودانية بسبب قلة الخبرة والتدريب على العمل في ظروف النزاعات المسلحة، وكذلك فشل مراسلي القنوات الفضائية العالمية في نقل الأحداث بالصورة المطلوبة، على رغم تضخم حجم الضحايا من المدنيين، وتفاقم الأوضاع الإنسانية للنازحين واللاجئين إلى حد المجاعة في أعلى مستوياتها الحرجة، أي الجوع المفضي إلى الموت. كما أن المنصات الإعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي تخضع لأهواء أفراد أو مجموعات لها مصالح متناقضة”.

وأشارت إلى أن “إعلام طرفي الصراع بات مسيطراً ومتحكماً في المعلومات ويرفض وجود أي أطراف محايدة، أو مهنية، ومصادر ذات موثوقية تنقل حقائق الحرب نظراً إلى رغبته في عكس وجهات النظر الخاصة بكل طرف لكي تصل إلى الرأي العام وفي الوقت نفسه ضمان عدم تشكيل رأي عام ضده”.

ونوهت فضل السيد بـ”توقف 1000 صحافي وصحافية عن العمل، وكذلك فضل المئات الهجرة إلى دول الجوار، وخسر آخرون ممتلكاتهم والحقوق الأساسية المضمنة في المواثيق الدولية من الحق في السكن والعمل والحياة الكريمة”.

واعتبرت سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين السودانيين أن “أوضاع الحرب ألقت بظلالها على إمكان تنقل الصحافيات واتصالاتهن بالمصادر للحصول على المعلومات والأخبار، بخاصة مع استهداف طرفي الصراع للصحافيات وتقييد حركتهن ونشاطهن. ومع تزايد حدة الاستقطاب التي فرضها واقع الحرب، تراجع التزامهم بالقيم المهنية وقواعد الحياد والموضوعية والنزاهة إلى حد بعيد”.

 

تدابير عاجلة

على الصعيد نفسه، تقول الصحافية السودانية سمر سليمان لمنصة (مشاوير) إن “الصحافيات تعرضن خلال الحرب لشتى أنواع الاعتداءات الممنهجة التي تهدف إلى إسكاتهن ومنعهن من نقل الحقائق وتغطية الأحداث. كما يمارس طرفا الصراع ضغوطاً كبيرة على الصحافيات، تشمل التهديدات بالقتل والتصفية الجسدية، وكذلك مصادرة المعدات وإغلاق المؤسسات الإعلامية”.

وأضافت، “أمام هذه الانتهاكات الجسيمة تبرز الحاجة الماسة إلى وضع آليات فعالة لحماية الصحافيات وتوفير الضمانات اللازمة لهن للقيام بعملهن بحرية وأمان من خلال إلزام الجيش السوداني وقوات (الدعم السريع) تطبيق القوانين الدولية، وعلى رأسها اتفاقات جنيف والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلاً عن التحقيق في الانتهاكات ضد الصحافيات وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة وعدم إفلاتهم من العقاب”.

وأوضحت سليمان أن “الصحافيات المتضررات من الحرب يحتاجن إلى دعم نفسي واجتماعي لمساعدتهن على تجاوز الصدمات الناجمة عن الانتهاكات، إضافة إلى اتخاذ تدابير عاجلة من الصحف الإلكترونية لتأمين بيئة عمل آمنة للصحافيات، بما في ذلك توفير معدات الوقاية وتدريبهن على السلامة”.

وأشارت إلى أن “تزايد معدلات الانتهاكات ضد الصحافيات يشكل تهديداً خطراً لحرية الصحافة وحقوق الإنسان ويعوق نقل الحقائق وتغطية الأحداث، ويتطلب التصدي لهذه الانتهاكات تضافر جهود المجتمع الدولي وطرفي الصراع ومنظمات المجتمع المدني من أجل وضع آليات فعالة لحماية الصحافيات وضمان محاسبة الجناة”.

هذا التقرير الصحفي من إعداد منصة مشاوير، وقد تم نشره عبر مؤسسات منتدى الإعلام السوداني بمناسبة اليوم العالمي للصحافة لتسليط الضوء على اوضاع الصحافة والصحفيين في السودان.

#لنقف_مع_السودان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى