تقارير

من ضيع ثورة ديسمبر (3-3)

مشاوير - تحقيق: رابعة أبوحنة 

شكلت ثورة ديسمبر 2019، السودانية نقطة تحول في تاريخ السودان الحديث، إذ أطاحت نظام المخلوع عمر البشير الذي حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود. 

وعلى رغم نجاحها الكبير وتقديم الثوار درساً بليغاً، وادهاش العالم بسلمية الثورة التي هزت عروش أقوي الدكتاتوريات في أفريقيا، إلا أن الثورة لم تسِر في مسارها المتوقع لتحقيق تحول ديمقراطي حقيقي. 

(مشاوير)، تحدثت مع أطراف ومجموعات عدة، ذات صلة وثيقة بالثورة، من سياسيين ومحللين وثوار وكنداكات، للإجابة على هذا السؤال المهم هل فعلاً ثورة ديسمبر ضاعت؟، ومن اضاعها؟ وكيف ولماذا؟

 

عودة قوية 

يقول المتخصص في العلاقات الدولية صلاح الدومة إن “ثورة ديسمبر لم تضيع، وهي في مرحلة من مراحل الثورة، وكل الثورات بتمر بمنعطفات ومنعرجات، صحيح أن بعضه يموت ويقتل، لكن ثورة ديسمبر السودانية، لا تزال متقدة. 

وأضاف “في بعض الفترات كانت الوسيلة السلمية التقليدية المعروفة هي المظاهرات والعصيان المدني، وعقب ذلك تتحول إلى الدبلوماسية في مسرح العلاقات الدولية. 

وتابع الدومة “انشقاق الطرف الآخر المعارض للثورة وانقسامه إلى “دعم سريع”، وما يسمى القوات المسلحة التي تم إختطافها وتحويلها إلى مليشيات تابعة إلى الحركة المسيلمية ، لكن كل هذا سيفشل والثورة ستعود أكثر عنفوان وقوة، والأطراف التي تآمرت على الثورة ستنال الجزاء المستحق.

وأردف “الخيانة لاتقتل الثورة، ولكن تؤخر النصر، وهي لاتمنعه، إذ أن كثير من الثورات مرت بمثل هذه المنعطفات والمنعرجات وفي النهاية اجتازت الامتحان ووصلت للهدف النهائي والنصر المبين وهو تقديم المجرمين إلى المحاكمة. 

 

حركة جماهيرية  

من جانبه يقول اللواء معتصم عبدالقادر “المتتبع للتاريخ السياسي لإنتقال السلطة في السودان، يجد أن هناك فترات تتتعاقب فيها الحكومات العسكرية، حكومات مدنية أو انتقال، وهذا ماحدث في ديسمبر 2019، م وما حدث قبل ذلك في أكتوبر 1964، وأيضاً في أبريل 1985. 

وأضاف : في مرحلة الثورة الآن كان يجب أن تكون هنالك مرحلة انتقال تعقبها انتخابات لكسر هذه الرتابة أو هذا الروتين الذي يحدث دائماً في الحياة السياسية السودانية، إذ تكون من خلفه الأحزاب السياسية والمؤسسة العسكرية التي تستجيب في كثير من الأحيان لصوت الجماهير من أجل التغيير أو تحركات أحزاب سياسية تستطيع تحريك بعض القوى داخل المؤسسة العسكرية ومن ثم الاستيلاء على السلطة. 

وتابع : ما حدث في ديسمبر 2019، كان حركة جماهيرية عفوية، وكانت هنالك مطالب عدالة تتمثل في جوانب اقتصادية وسياسية توجت بانحياز اللجنة الأمنية لحركة الجماهير واحداث التغيير ، لكن ماحدث من بعد ذلك أن الحراك السياسي حول السلطة ما بين المدنيين أنفسهم ومن بعد ذلك مابين المدنيين والعسكريين أسهم في ضياع الثورة. 

 

الهبوط الناعم

الناشطة والاعلامية سنية أشقر أشارت إلى أن “الشعب السوداني أنجز انتفاضة كبيرة في العام 2018، ضد ثلاث عقود من القهر والذل، وقوى الهبوط الناعم احدثت انتقال ناعم للسلطة يحفظ توازانات القوى القديمة ويمنع الجماهير من تحقيق مطالبها بإزالة تمكين النظام البائد اقتصادياً وسياسياً. 

وأضافت : القوى التي تصدرت المشهد بعد سقوط النظام وعلى رأسها الحرية والتغيير هي في حقيقتها قوى طبقة وسطي و اصلاحية، وفكرتها الأساسية ليست فكرة ثورة جذرية. 

وتابعت : تلك القوي لا تملك مشروع جذري من أجل أن تقدم مشروع وطني ليقود الفترة الانتقالية، كل مافعلته أنها كانت تطبطب على العسكر، لذلك الثورة ذهبت لمسارات أخرى، بالتالي سعت هذه القوى وبطرق سريعة إلى عقد شراكة مع العسكر، وهذا كله أدى لؤاد الثورة السودانية، كما أن الجيش والدعم السريع كانا أدوات للقمع وللقهر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى