تقارير

انعدام الرعاية الصحية يزيد معاناة نساء السودان 

أم درمان - تقرير - بخيتة زايد الصافي 

في ظل تمدد رقعة الحرب ومع تزايد موجات النزوح المتتالية تفاقمت أوضاع النساء في السودان نتيجة الضغوط على الموارد والخدمات الأساسية في المدن الآمنة، خصوصاً عدم توفر وسائل الرعاية الطبية الأولية والإنجابية، مما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة تتسع بصورة مخيفة مع استمرار الصراع المسلح. 

في حين تشهد مناطق النزاع النشطة أزمات عدة بسبب توقف العمل في كثير من المستشفيات التي وصلت إلى حد الانهيار، مما خلف فصولاً مأسوية أبرزها ما تعانيه النساء العاجزات عن الوصول إلى المراكز الصحية لتلقي العلاج وإجراء الفحوص الطبية، بسبب صعوبة التنقل والوضع الأمني، فضلاً عن ارتفاع أعداد وفيات الأمهات والنساء الحوامل، ومعاناة الآلاف اللاتي يواجهن شبح الموت بسبب انقطاع علاج مرضى الفشل الكلوي والسرطان والسكري. 

 

نقص الرعاية 

في السياق، تقول ابتهال النور عضو جمعية تنظيم الأسرة السودانية لمنصة (مشاوير) إن “حالات الإجهاض تزايدت في مراكز إيواء النازحات نتيجة لعدم توفر الرعاية الطبية اللازمة والنقص الحاد في خدمات الصحة الإنجابية، لا سيما الفيتامينات والمكملات الغذائية. 

وأضافت : مئات النساء النازحات يعانين بشدة، وأن هناك حالات وفاة عدة سجلت بين الأمهات بسبب سوء رعاية الحمل إلى جانب عدم توفر الرعاية للأطفال حديثي الولادة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات وفيات الأمهات والصغار. 

وأوضحت النور أن “انعدام الفيتامينات وسوء التغذية والتطعيمات الضرورية أثناء الحمل أدى إلى ارتفاع معدلات حالات الإجهاض وسط النساء خصوصاً في معسكرات إيواء النازحات، وكذلك الأمهات في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة. 

 

خطة استراتيجية 

وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم قال إن “نسبة وفيات الأمهات بلغت 295 لكل 100 ألف حالة ولادة، ووفيات الأطفال 51 لكل ألف طفل مولود، بالتالي فإن هذه الشريحة تحتاج إلى رعاية خاصة. 

وأضاف إبراهيم أن “وضع الصحة الإنجابية والأمهات في حاجة إلى تدخلات في ظل الحرب واعتداءات قوات “الدعم السريع”، لذلك تم وضع خطة استراتيجية لعام 2025، تتطلب رصد أكثر من 200 مليون دولار من قبل حكومة السودان والشركاء والمانحين. 

وأوضح وزير الصحة السوداني أنهم “توصلوا لاتفاق مع منظمات الصحة العالمية و’اليونيسيف’ وبعض المانحين من أجل تركيز الجهود لخفض وفيات الأمهات والأطفال من خلال تكامل الجهود المشتركة والتنسيق المحكم لسد الحاجة الفعلية وزيادة الاهتمام. 

 

وفيات صادمة

إلى ذلك، قالت منظمة “أطباء بلا حدود” إن “النساء الحوامل والأمهات والأطفال حديثي الولادة يموتون بمعدل صادم في ولاية جنوب دارفور بالسودان.

وأضافت المنظمة أنها “سجلت 46 حالة من وفيات الأمهات في مستشفيين بجنوب دارفور تدعمهما المنظمة الخيرية خلال الفترة من يناير إلى أغسطس الماضيين، و48 حالة وفاة لحديثي الولادة.

وأفادت “أطباء بلا حدود” بأن الصراع والنزوح يجبران النساء على الولادة في ظروف غير صحية ضمن مناطق لا يتسنى لهن فيها الحصول على الرعاية الصحية والأدوية، ودعت الأمم المتحدة إلى “التحرك بصورة حاسمة لمنع مزيد من الخسائر في الأرواح.

 

أزمة الأدوية والمستلزمات 

على الصعيد نفسه، أوضح الطبيب في مستشفى البنان جديد بالخرطوم سامر الطيب في حديثه لمنصة (مشاوير) أن “النساء يعانين بسبب توقف عمل المستشفيات والنقص في المعينات وأكياس الدم والمحاليل والمسكنات، وتعطل الخدمات المتخصصة في الكلى وجراحات المخ والأعصاب والقلب. 

 وأشار إلى أن “التأخير في طلب المساعدة الطبية يعني أن عدداً من السيدات سيتعرضن للموت، لا سيما الحالات الحرجة التي تحتاج إلى تدخل سريع مثل عمليات الولادة ومصابي الطلقات النارية والكسور. 

ولفت الطيب إلى أن “المعاناة تمتد إلى الأمهات المرضعات اللاتي يجئن في مقدمة المتأثرين بتداعيات الحرب، من ثم فإن الأوضاع باتت معقدة وفاقت الإمكانات المتاحة في المستشفيات القليلة التي ما زالت تعمل حتى الآن. 

 

مخاطرة مستمرة 

من جانبها، تقول هيفاء عمر التي تسكن في منطقة الكلاكلة لمنصة (مشاوير) إنها “اضطرت إلى المخاطرة بحياتها بالتنقل من الخرطوم إلى مدينة أم درمان حتى يتسنى لها إجراء القسطرة القلبية العاجلة لوالدتها المسنة، التي انهارت حالها الصحية بصورة مفاجئة.

وأضافت أن “معظم السيدات في الأحياء المجاورة يتألمن بشدة من الأمراض المزمنة، ونسمع أحياناً صوت بكاء نساء، خلال وقت لا نستطيع فيه تقديم خدمة لأسرهن، وهو أمر يدعو إلى الحسرة والألم”.

وأوضحت أن “نفاد المدخرات المالية لغالبية العالقين في الخرطوم، فضلاً عن توقف المستشفيات عن العمل ونقص المعينات الطبية، كلها عوامل أسهمت في حدوث وفيات عدة للنساء في مدن العاصمة الثلاث بحري وأم درمان والخرطوم. 

 

نقص التمويل الدولي 

في غضون ذلك، تعمل منظمة الصحة العالمية مع وزارة الصحة السودانية على استعادة خدمات الولادة في المستشفيات، لكن الحاجة ستظل ماسة لتأمين وضع النساء الحوامل في العاصمة الخرطوم.

وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان” إن “آفاق التمويل لعام 2025 ليست واعدة على الإطلاق، لأن المساعدات الدولية تتعرض للتهديد بصورة متزايدة، والفجوة بين الحاجات الإنسانية والتمويل اللازم لتلبيتها آخذة في الاتساع. 

مضيفاً “على وجه الخصوص غالباً ما يتم تجاهل الحاجات المحددة للنساء والفتيات في الاستجابة الإنسانية، وهو أحد القطاعات الذي يعاني نقص التمويل. 

وأشار إلى أن “النساء والفتيات يفقدن القدرة على الوصول إلى الإمدادات والخدمات الصحية الأساس، وأن كل هذا يتكشف بالفعل في بعض حالات الطوارئ الأكثر إلحاحاً ولكن الأقل دعماً في جميع أنحاء العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى