
زيي وزي الأغلبية المحبة للراحل نادر خضر، عليه رحمة الله، البحصل الأيام دي في الساحة الفنية يخلينا نتمسك كجيل بالفنانين الظهروا في التسعينات زي نادر خضر، وليد زاكي الدين، أسامة الشيخ، وقبلهم شيخهم محمود عبدالعزيز الي سبقهم من الثمانينيات.
الشباب ديل شكلوا عصابة متمردة على كل الارث الغنائي الموجود، وكانوا مصرين على اسلوبهم الخاص وطريقتهم. وربما نعود لاحقًا بالتفصيل أكثر عن هذه المرحلة.
ظهور نادر خضر في ذلك الوقت كان حدث لافت وغريب، شاب امدرماني، رجع من الخارج بلونية أداء غير مألوفة لينا كسودانيين، كان يستعمل اساليب غنية غير مستخدمة عندنا زي الاستلاف.
ورافقه شريك النجاح الموسيقي عبدالعال صلاح، واللي قدم لون جديد “كرت” في العزف والإيقاعات، لأنه للكيبورد ال( تكنيكس) ما كان مألوف وقتها، ده غير ان عبدالعال طوع الكيبورد ده بطريقة ملفتة.
الثنائي ده كان من الإصدارات غير التقليدية، وعوامل الاختلاف والتميز هي التي خلقت ثنائية نادر/عبدالعال، وكل واحد منهم شكّل رافعة للآخر. تميزوا في طريقة تنفيذ وتقديم الأغاني، خاصة في أعمال زي “كم شفت من مجهول مصير” للفنان الكبير كمال ترباس، اضافوا على الأغنية أبعاد جديدة زادت من انتشارها، خصوصا بين الشباب اللي بفضلوا يسمعوا الغناء بأسلوب الموسيقى الحديثة.
من مدرسة الابتكار مع عبدالعال، إلى مدرسة الانضباط الكامل مع العازف نزار حامد، كانت نقلة فنية أنيقة ومهمة. نزار أضاف الكثير من الجمال والأناقة، وأعتقد أن التحولات بتمثل مراحل مهمة في المسيرة الفنية لأي فنان. واستمر نادر بنفس النسق حتى مع مجموعة العازفين الٱخرين الذين رافقوه حتى رحيله.
كنت بستمتع كثير بحكاوي أستاذي وأخي امير عبدالماجد عن نادر خضر، بحكم العلاقة الأخوية الوطيدة بينهم، والتي لا يزال عبدالماجد وفيا لها حتى اليوم. وده بسوقنا لنقطة مهمة، لما نتكلم عن نادر خضر، فنحن ما بنتكلم فقط عن فنان، بل عن شخص يحمل درجات أكاديمية، قارئ ومثقف، وصاحب فكر سياسي كان يمكن توظيفه.
أتذكر في إحدى المناسبات، أظنها كانت عن السلام والوحدة الوطنية، منقولة في التلفزيون وكان حاضر فيها عمر البشير، شارك فيها نادر خضر وأعلن أمام البشير أنه اتحادي، لكن مشاركته عشان يؤكد مفهوم أن الوطن فوق الجميع.
نادر خضر ما كان مجرد مغنٍ، لكنه كان إنسان مثقف، خلوق، صاخب فكر، عايش وسط الناس وبيقدم ما يستطيع.
والفنان الحقيقي ما بالضرورة أن يكون خريج جامعات أو بتكلم لغات، لكن بس يكون قريب من الناس، وصادق معاهم، ويعبر عنهم.
ده هو الفنان البنحتاج ليه.
رحمك الله رحمة واسعة