منوعات

توتيل : ما بين الأسطورة والحقيقة

كسلا - سوسن خليل

في قلب شرق السودان، وتحديداً بين هضاب جبال التاكا الشاهقة بمدينة كسلا، تنبثق “توتيل” كنبع ماءٍ لا يشبه سواه. توتيل ليست مجرد بئر، بل هي أسطورة حيّة تتناقلها الألسن، ومقصد للزوّار، وملهمة لحكايات تتراوح بين الواقع والخيال، بين الكرامات والماء العذب، نبع الحياة الذي لا يجف ما يميّز توتيل عن غيرها من العيون والينابيع في السودان والمنطقة بأسرها، هو استمرار تدفق مياهها طوال العام، دون انقطاع صيفاً أو شتاءً، ماء نقي، صافٍ، له طعم يوصف بالخرافي، لا يضاهيه ماء في نكهته، حتى أن البعض يزعم أن أول رشفة منه تبقى. في الذاكرة، وتدفعك دوماً للعودة إليه.. 

لا أحد يعرف بالضبط من أين تأتي هذه المياه، يقال إنها تهبط. من الجبال الشاهقة المحيطة، وتنساب خفية حتى تستقر في هذا البئر، بينما يذهب آخرون إلى أن الماء ينبثق من باطن الأرض ببركة سماوية ، لا تفسير لها في قوانين الطبيعة.

أسطورة العودة.. ومن يشرب يعود

من أكثر المعتقدات شيوعاً بين أهالي كسلا وزوّار توتيل السائحين، أن من يشرب من مائها يعود إليها من جديد، كأن للماء عهدٌ خفيّ لا يُنقض ، أو جذورًا تربط القلب بالمكان،، لذلك ينصح أهل المنطقة كل من يزور كسلا للمرة الأولى بأن لا يغادرها دون أن يتذوق من ماء توتيل ، لتُكتب له عودة أخرى.. وربما زيارات لا تنقطع.

توتيل الكرامات..بين التصوف والموروث

 توتيل لا تُفصل عن بيئتها الروحية والثقافية فهي تقع في حي الختمية القديمة، المعروف بأنه معقل الطريقة الختمية، ومقر آل المراغنة، الأسرة الصوفية الشهيرة التي تنتسب إلى للسيد محمد عثمان الميرغني.

 ويُقال إن نبع توتيل هو إحدى كرامات هذه الأسرة، وقد ارتبطت البئر لسنوات طويلة برمزية دينية وروحية لدى أبناء المنطقة والمريدين

المنتجع السياحي: حيث الأسطورة تلتقي بالحداثة مؤخراً، تم إنشاء منتجع سياحي متكامل في موقع توتيل، يستفيد من جمال الطبيعة وعمق الموروث الثقافي يضم المنتجع كافيهات انيقة ومسرحاً مفتوحاً تقام فيه الفعاليات الثقافية والموسيقية ليجتمع الزوّار من كل مكان في فضاء يمزج بين الجبل والماء والأسطورة.

توتيل ليست فقط نبع مياه، بل هي قصة تُروى، وتجربة تُعاش ومكان يحمل في طيّاته عبق الأساطير وصدق الحنين سواء كنت مؤمناً بكرامتها أو مفتوناً بنائها ، فإن زيارتك لتوتيل ستترك أثراً لا يُمحى،، وقد تدفعك – كما تقول الحكاية – للعودة إليها من جديد، مراراً وتكراراً

وغني شاعرها عزيز كسلا رئيس جمهورية الحب إسحق الحلنقي:

“باقي الجميل تموا أصله العمر مره

وانا كم صبرت معاك في الحلوه و المره

اطرح جبينك لي خليه ينفر

وانت البدور ضُرك أن شاءالله ينضر

يلاك بعيد نرحل على دنيا حنية

نعيش لي وحدينا والسيرة منسية

واوسدك قلبى وارعاك بعينيا

واسقيك (مياه توتيل) 

 …. علشان تعود ليا”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى