
سلطنة دارفور من السلطنات الشهيرة في دول الحزام السوداني و قد قامت في غرب السودان، يحدها من الشمال الغربي ليبيا، ومن الغرب تشاد، ومن الجنوب الغربي أفريقيا الوسطى، ومن الجنوب دولة جنوب السودان، فضلاً عن حدودها مع بعض الولايات السودانية مثل غرب كردفان والولاية الشمالية.
بدأت سلطنة دارفور الاسلامية بمؤسسها السلطان سليمان صولونج و تعني بلغة الفور (الاحمر او العربي)، و انتهت بالسلطان إبراهيم بن السلطان محمد حسين بن السلطان محمد الفضل الملقب بالسلطان إبراهيم قرض آخر سلاطين الفور الذي حكم فترة سنة ونصف وقتل في معركة منواشي في حرب مع الزبير باشا رحمة مع بداية الحكم الانجليزي المصري، ثم بعدها دانت دارفور لدولة المهدية.
واستعادها السلطان علي بن زكريا الملقب بعلي دينار عندما اقره ونجت باشا من قبل الحكم الثنائي حاكما عاما على دارفور بخطاب في ا/ ٥/ ١٩٠١م و ثالثهما السلطان عبد الرحمن الرشيد قد كان لهولاء السلاطين فضلا على اهل الحجاز بإرسلهم محمل دارفور وفيه صرة الحرمين الشريفين، لم يحدد متى بدأ سلاطين دار فور بخدمة الحرمين، لكن تم ارسال اغوات.

السلطان عبد الرحمن الرشيد
عرف هذا السلطان الملقب باليتيم (١٧٨٧- ١٨٠٢م) بالورع والعدل و كان يرسل الاغوات للحرمين الشريفين، و كتب عنه د. احمد ابراهيم ابو شوك في كتابه :” السلطة و التراث”، الجزء الاول :”قد كان من ضمن الاغوات الذين ارسلهم السلطان عبد الرحمن الرشيد الشريف عبد السلام بعد نور الدين بن عمر الفوراوي الذي تدرج في سلك الاغواتية حتى آلت إليه أمانة مفتاح الحجرة النبوية السريعة و نظارة اوقاف دارفور في المدينة، و قد حققت ألف ريال من صرة دارفور الاغوات مكة، و اربعماىة ريال لاغوات ابيه السلطان حسين بن السلطان محمد الفضل”.(ابو شوك، ٢٠٠٩م: ا٧ )، و قد رجع المؤلف ذلك ( للمحفظة 104ملف مجموعة السودان- قسم الوثائق الافريقي – دار الوثائق بالقلعة- القاعدة).
أما محمد بن عمر التونسي في كتابه:” تشحيذ الاذهان بسيرة بلادي العرب والسودان”، كتب نموذجا من مراسلاته إذ يخاطبهم بقوله:” من حضرة السلطان الاعظم والملاذ الأفخم سلطان العرب والعجم ومالك رقاب الامم سلطان البرين والبحرين وخادم للحرمين الشريفين الواثق بعناية الملك المبدي و المعيد السطان عبد الرحمن الرشيد الى حضرة. الملوك والحكام و الشراتي والدمالج و..”.( التونسي، ١٩٦٥م: ٦٨).

السلطان ابراهيم قرض
اخر سلاطين الفور حكم مدة سنة ونصف، له ثلاث وثائق صدرت في القرن التاسع عشر الميلاد توجد اصولها بدوار الوثائق القومية المصرية بالقلعة تحت رمز( محفوظ 104 ملف مجموعة السودان)، الاولى في ١٨/ ٨/ ١٨٧٤م و عليها خاتم السلطان ابراهيم ابن السلطان محمد حسين، من بعض مقاطعها:” واصل من امير دارفور لحضرت الخديوي عشرون سنان من سن الفيل وزنها قنطار عشرة و ست أغوات و..”.
والصورة الثانية منه أيضا الى حضرة كبير الاغوات يوضح فيه صرة من ألف ريال ونيف لصرفها حسب القائمة المرسلة مع الحاج إدريس، و الوثيقة الثالثة تحوي كشف يوضح كيفية توزيع صرة دارفور التي تقدر ب ٢٠ ألف ريال الى الحرمين الشريفين.(نفسه: ٥٣).

السلطان علي دينار
السلطان الشهيد علي دينار اسمه محمد علي، يقال إن والدته أطلقت عليه اسم دينار على اسم أحد سلاطين مملكة برنو الصارمين و قد كان كذلك حتي ضرب اعدائه مثلا بقولهم:” إدقوك في عندك علي دينار”.
ولد السلطان علي دينار ابن زكريا ابن السلطان محمد الفضل بين عامي١٨٦٥- ١٨٧٠م والدته تنتمي الى قبيلة بني منصور نواحي السلم و اشتهر والده الامير زكريا بالتقوى والورع، والدته الميرم ام كلثوم بنت الامير علي بن يحيى بن السلطان احمد بكر والد السلطان تيراب، قتل في برصاصه على راسه في الجوله في ٧/ ١١/ ١٩١٦م بعد ان صلى الصبح وارتدى ملابسه و امتطى حصانه ضربته الكتيبة من الجيش الانجليزي التي كانت في مكان مرتفع و هو في منطقة منخفضة بها قش برصاصة في خده و عندما حضر الاخرين اعطوه لبنا و خرج اللبن من خده فعرفوا انه استشهد.
كتب عنه احمد ابراهيم الوشم في المرجع السابق:” ارسل السلطان علي دينار محمل دارفور عدة مرات ، فقد ارسل الى سلاطين باشا خطاب مؤرخا ب ٢٧/ ٩/ ١٩٠٤م يخاطبه فيها:” اني وجهت الافكار بارسال وقف للحرمين الشريفين”، في المحمل الثاني في ١٩٠٤م و لكن نهبت الصرة في الطريق مما دفع سلاطين لنصحه بعدم ارسالها سنويا تفاديا لخطر الطريق ، و ارسل في ١٩٠٦م تحت الامير محمد شيخ السيماوي الركابي تحتوي على ١١٠٠ و نصف قنطار من سن الفيل و ١٧ مربع ريش نعام و ٣٠ رطل ريش نعام اسود و ٣٤ رطل ريش نعام ربدة”. ( ابوشوك: ٦٠- ٦١).
كما قدم السلطان علي دينار اوقاف اخرى منها إعادة تاهيل آبار علي للميقات المكاني لحجيج المدينة المعروف بذي الحليفة.

المحمل وصرة الحرمين الشريفين
– المحمل: قافلة تحمل صرة الحرمين الشريفين و الاغوات
والحجيج، والتي تخرج من مدينة الفاشر حاضرة السلطنة في شكل قافلة بموكب سلطاني.
– صرة الحرمين الشريفين: تحتوي الصرة على نقود او مواد عينية كريش النعام بانواعه و سن الفيل و غيرة.
توزع الصرة علي على مصاريف خدمات الحرمين، ورواتب الاغوات، و كسوة الكعبة.

الأغوات
عرفهم احمد عبد الرحيم نصر:” اسم مستحدث لمصطلح سدنة ، خدام، خصيان، يقومون بخدمة الحرمين الشريفين، و يشغلون رتبا معينة في خدمة الحرمين الشريفين مثل شيخ الحرم، و النقيب، و أمين الخزنةو غيره، وكانوا يرتدون زيا معينا”.نصر، ١٩٨٦م: ١٧-٣٥، ٨٦- ٨٧).
و لقد كانت لهم مكانة وهيبة عند الخاصة و العامة لخدمتهم للحرمين الشريفين.
(1787-1802) ، وارسل السلطان إبراهيم قرض الصرة كما في الوثيقة ب(دار الوثائق المصرية، محفظة 104، 18/8/18074) ،و من بعده بدأ بإرسالها السلطان علي دينار بدأ من عام 1903 م عدة مرات خلال فترة حكمة الذي إنتهى 1916 م.

يصف خروج موكب المحمل د. احمد إبراهيم أبو شوك:” تتقاطر جموع المودعين إلى ساحة قصر السلطان علي دينار ، ليشهلوا موكب المحمل الذي يتقدمه امير الحج وإمام الصلوات الجامعة و فلول الحجيج، وعندما يستقيم ميسم التجمع يتعالى صوت القرع على نحاسات السلطان وترفع اصوات المزامير ويخرج ممثل السلطان و يخطرهم بالاوامر القاضية بتحرك المحمل الشريف، ثم يبدأ الموكب مشهلا بآي الذكر الحكيم التي يتلوها طلاب الخلاوي و حفظة القرآن زافين بها المحمل إلى مشارف مدينة الفاشر.” ( أبوشوك، 2007 م: 64).
لاشك ان خروج المحمل يشكل مهرجان من الفرح لأهل دارفور الذين عرفوا بحفظ القرآن، فكانوا لا يختن لهم الصبي ولا تزوج فتاة إلا بعد حفظ القرآن الكريم.
لقد كان خروج المحمل ظاهرة فولكلورية فيها تتمثل فيها الميادين الفولكلورية من فنون الاداء من قرع النحاسات السلطانية وصوت ابواق المزامير، ومن الثقافة المادية شكل المحمل وازياء الاغوات والحجيج و زي حراس المحمل و هم يحملون الحراب المزين بريش النعام وهم يقدمون بها عروضا عند خروجهم من الفاشر وعند إستقبالهم في مكة والمدينة.
وتمثل الأدب التعبيري في قراءة آيات من القرآن الكريم .
هذا فيض من غيض لأهل دارفور أهل الصرة والمحمل و الذين عملوا أغوات لخدمة الحرمين الشريفين ونحن نفخر بماضي سلطنة دارفور الإسلامية.